ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله بخت نصر ببني إسرائيل من القتل وتخريب بيت المقدس، وما بيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد، الّتي كل مدينة منها أضعاف بيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا؟ فإنّ أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بني إسرائيل، ولعل الخلق لن يروا مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا، إلاّ يأجوج ومأجوج .
وأمّا الدجال فإنّه يبقي على من اتّبعه ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم، ولهذه الحادثة الّتي استطار شررها، وعمّ ضررها، وصارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح، فإنّ قوماً خرجوا من أطراف الصين، فقصدوا بلاد تركستان مثل كاشغر وبلاسغون، ثم منها إلى بلاد ما وراء النهر مثل سمرقند وبخارى وغيرهما، فيملكونها ويفعلون بأهلها ما نذكره، ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغون منها ملكاً، وتخريباً وقتلا، ثم يتجاوزونها إلى الري، وهمدان، وبلد الجبل وما فيها من البلاد إلى حد العراق، ثم يقصدون بلاد آذربيجان وأرانية يخربونها ويقتلون أكثر أهلها ومن ينجو إلاّ الشريد الفارّ (فعلوا كل ذلك) في أقل من سنة هذا ما لم يسمع بمثله .
ثم لما فرغوا من آذربيجان وأرانية صاروا إلى دربند شروان فملكوا مدنه