ولما نودي ببغداد الأمان، خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقنى والمقابر كأنّهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم، وقد أنكر بعضهم بعضاً فلا يعرف الوالد ولده ولا الأخ أخاه وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الّذي يعلم السرّ وأخفى اللّه لا إله إلاّ هو له الأسماء الحسنى، وكان رحيل السلطان المسلّط هولاكوخان عن بغداد في جمادي الأُولى من هذه السنة (666 هـ) إلى مقر ملكه (1) .
ثم امتدّت الهجمات بعد سقوط بغداد حتّى وصل جيش العدو إلى عين جالوت وغزة في فلسطين، وكانت الأُمنية الكبرى للعدو هي الاستيلاء على الشامات ثم مصر، ولكن الزحف توقف بتدبير الملك الظاهر بيبرس (659 ـ 676 هـ) ولكن العدو حاول الاستيلاء ثانياً على الشامات...(2) .
وهذا اليافعي يتتبّع مسير التتار وهجومهم، فيقول في حوادث عام 700 هـ :
ويقول في حوادث عام 702 هـ : «طرق غازان الشام ولكن انهزم عند سور دمشق وتفرّقت جيوشه، ثم جهّز غازان جيوشه فصاروا إلى مرج دمشق وتأخر المسلمون وبات أهل دمشق في بكاء واستغاثة وخطب شديد، وقدم
1 . البداية والنهاية، ج 13، ص 200 ـ 213 .
2 . فيليب حتي. تاريخ العرب المترجم إلى الفارسية، ج 2 ص 883، 851، 828 .