بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
وكتابه الإنجيل وتلاميذه إلى أساطير تاريخية، وصار بعض المستشرقين يشككون مبدئياً في وجود رجل اسمه المسيح واسم اُمه مريم وكتابه الإنجيل، وكادوا يعتبرونه أُسطورة خيالية تشبه اُسطورة (المجنون العامري وليلاه) وما هذا إلا لعدم وجود أثر ملموس منه، ولا من كتابه الواقعي وأصحابه وحوارييه .وأمّا المسلمون فهم يواجهون العالم مرفوعي الرؤوس، ويقولون: يا أهل العالم قد بعث نبي في ارض الحجاز قبل ألف وأربعمائة سنة، وقدحقق نجاحاً في مهمته، وهذه آثار وجوده وحياته، فهذه هي الدار الّتي ولد فيها، وهذا هو غار حراء، مهبط وحيه في بدء الأمر، وهذا هو البيت الّذي دفن فيه، وهذه مدارس أولاده و...فالإبقاء على الآثار الإسلامية وصيانتها من الزوال، صغيرة أو كبيرة، دعم لاستمرار رسالة هذا الدين وبقائه على مدى العصور والأزمان، وتدميرها سبب رئيس لتعريضها للشك والإنكار، وإعانة على أهداف المخالفين .وقد اهتمّ المسلمون اهتماماً كبيراً بشأن آثار النبي وسيرته وسلوكه، حتّى أنهم سجلوا دقائق أُموره وخصائص حياته و مميزات شخصيته إلى درجة أنهم سجلوا حتّى ما يرتبط بخاتمه وحذائه، وسواكه وسيفه، ودرعه، ورمحه، وجواده وإبله وغلامه، والآبار الّتي شرب منها الماء، والأراضي التى وقفها لوجه اللّه سبحانه، و مشيته، وأكله، وشربه، وما يرتبط بلحيته المقدسة وخضابه لها وغير ذلك، ولا زالت آثار البعض باقية إلى يومنا هذا .ولو كان ابن تيمية موجوداً في تلك الأعصار، وكان ينظر إلى الموضوع بالفكرة التي نشأ عليها، لرمى الصحابة الأجلاء والسلف الصالح بالشرك والوثنية، وزعم أنهم اتخذوا نبيهم وثناً يعبد، ولكن من حسن الحظ أنه لم يكن موجوداً فيها، ولكن كتب السير حافلة بذكرها فليقض عليهم بالحق.وما أشبه عمل من يدمر الآثار النبوية تحت واجهة قلع الشرك بعمل الصبيان النوكى الذين يتلاعبون بميراث آبائهم بالتمزيق والتدمير، أوالبيع بثمن بخس .