بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
مراقد الأنبياء والأولياء، في مختلف البلاد شرقها وغربها، وهذا دليل قاطع على أنّ هذه السيرة كانت مرضية عن صاحب الشريعة وخلفائه وأصحابه، وإلاّ كان عليهم رفضها وردها بالبنان والبيان، والسلطة والقوة، فالسكوت في بعض الفترات ودعمها في بعض الأحايين أدلّ دليل على كونها سيرة مرضية.نعم، إذا كان اتّخاذ المقابر مساجد على النحو الرائج عند اليهود والنصارى فهو محرّم، وقد نصّ الرسول على تحريمه، كما تأتي الروايات مع توضيحها، وهو مسألة أُخرى غير مجرّد البناء على القبور الّذي هو مسألتنا.هذا هو السلف الصالح قد وقفوا ـ بعد ما فتحوا الشام ـ على قبور الأنبياء ذوات البناء الشامخ... فتركوها على حالها من دون أن يخطر ببال أحدهم وعلى رأسهم عمر بن الخطاب بأنّ البناء على القبور أمر محرّم يجب أن تهدم، وهكذا الحال في سائر القبور المشيدة عليها الأبنية في أطراف العالم، وإن كنت في ريب فاقرأ تواريخهم، وإليك نص ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية:إنّ المسلمين عند فتحهم فلسطين وجدوا جماعة من قبيلة «لخم» النصرانية يقومون على حرم إبراهيم بـ «حبرون» ولعلهم استغلوا ذلك ففرضوا أتاوة على حجاج هذا الحرم.. وربما يكون توصيف تميم الداري نسبة إلى الدار، أي: الحرم، وربما كان دخول هؤلاء اللخميين للإسلام، لأنّه قد مكّنهم من القيام على حرم إبراهيم الّذي قدّسه المسلمون تقديس اليهود والنصارى من قبلهم(1) .وجاء أيضاً في دائرة المعارف الإسلامية في مادة «الخليل»: ويقول المقدسي، وهو أول من أسهب في وصف الخليل: إنّ قبر إبراهيم كانت تعلوه قبة بنيت في العهد الإسلامي، ويقول مجير الدين: إنها شيدت في عهد الأمويين، وكان قبر إسحاق مغطّى بعضه، وقبر يعقوب قباله، وكان المقدسي أول من ذكر تلك الهبات الثمينة الّتي قدّمها الأُمراء الورعون من أقاصي البلاد إلى هذا الضريح، وذلك الاستقبال الكريم الّذي يلقاه الحجاج من جانب