بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
حتّى أنهم اليوم يعتبرون ذلك شركاً، وكل من فعل ذلك يكون عندهم مشركاً، وإليك توضيح المسألة:1- لا شك أنّ إقامة الصلاة عند القبور لغاية عبادة صاحب القبر أو اتخاذه قبلة شرك، ولكن لاتجد على وجه البسيطة مسلماً يفعل ذلك، بل لا يحوم حوله البعداء من الأوساط الإسلامية، فضلا عن المتحضّرين منهم، المتواجدين في الأوساط الدينية .2- إنّ هدف المسلمين من إقامة الصلاة والدعاء عند قبور الأولياء، هو التبرك بالمكان الّذي احتضن جسد حبيب من أحبّاء اللّه، فيتمتع ذلك المكان بمنزلة سامية، فالصلاة والدعاء هناك يعودان بثواب أكثر على فاعلهما.إنّ لمشاهد الأولياء ومراقدهم شرفاً وفضيلة خاصة لا توجد في غيرها، ولأجل ذلك أوصى الشيخان بدفنهما في جوار النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، فالمصلي لدى قبورهم لا يقصد سوى ما قصده الشيخان لا غير. فلو كان قصد التبرك بمكان شركاً فلماذا أوصى الشيخان بالدفن بجوار النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ؟ .3- إنّ القرآن الكريم يأمر حجاج بيت اللّه الحرام بإقامة الصلاة عند مقام إبراهيم، وهو الصخرة الّتي وقف عليها إبراهيم لبناء الكعبة، فيقول: (وَإذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً للنّاسِ وَأمْناً وَاتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهيمَ مُصَلّىً)(1) .إنّ الصلاة في مقام إبراهيم لأجل التبرك بمقام النبي إبراهيم، فلو كانت عبادة اللّه تبارك وتعالى مقرونة بالتبرك بمكان المخلوق شركاً، فلماذا أمر به سبحانه، فهل هناك فرق بين مقامهم ومثواهم؟ .4- سأل المنصور العباسي مالك بن أنس وهما في مسجد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ فقال: يا أبا عبد اللّه، أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول اللّه؟ فقال مالك: لم تصرف عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى اللّه يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك اللّه (2) .