وقد نقل ابن حجر الهيثمي عن الإمام الشافعي هذين البيتين: آل النبي ذريعتي * وهمُ إليه وسيلتي أرجو بهم أُعطى غداً * بيدي اليمين صحيفتي(1) هذه النقول و النصوص من أئمة الأمة و مشاهير تكشف عن أمرين: 1- إنّ التوسل بالصالحين ـ وفي الطليعة الأنبياء العظام ـ كان أمراً رائجاً بين المسلمين، ولم يخطر ببال أحد أنّه شرك، كما لم يخطر ببالهم التفريق بين التوسل باشخاصهم وذواتهم، ولم يصنع هذا التفريق سوى الوهابيين الذين يسعون في الحط من منزلة الصالحين ومكانتهم، ويجعلون التوسل بدعائهم كالتوسل بدعاء الأخ المؤمن، وإنّه لا فرق بين هذا وذاك، وهم وإن كانوا لا يصرحون بهذه التسوية، لكنهم يكنون ذلك ويضمرونه . 2- إنّ هذه النصوص تفسّر لنا قوله تعالى: (يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسيلَةَ وَجَاهِدوا في سَبيلِهِ لَعِلَّكُم تُفْلِحُونَ)(2) . فإنّ الوسيلة سواء أفسّرت بمعنى القرابة والمنزلة والدرجة، كما عليه أكثر المفسرين مأخوذاً من قولهم توسلت إليه، أي تقرّبت . قال عنترة بن شداد: إن الرجال لهم إليك وسيلة * أن يأخذوك تلجلجي وتحصني ويقال: وسل إليه، أي: تقرّب. قال لبيد: بلى كل ذي رأي إلى اللّه واسل. وعليه فمعنى الوسيلة:الوصلة والقربة . أم فسرت بما يتقرب به إلى الغير ويجمع على الوسائل والوسل، كما عليه أهل اللغة، قال الجوهري في صحاحه: الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير، والجمع الوسل والوسائل، وتوسل إليه بوسيلة أي: تقرُّب إليه بعمل . وفي القاموس: الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة.