حدثنا محمد بن محمد التمارة البصري، ثنا: بشر بن حجر الشامي، ثنا علي بن منصور، عن الأنباري، عن عثمان بن عبدالرحمن الوقاصي، عن محمد بن كعب القرظي . 3- كيف يكون شركاً وقد جاء في التاريخ أنّ رجلا اسمه «تبع» قد بلغه أنّ نبي آخر الزمان سوف يظهر من مكة ويهاجر إلى المدينة، فكتب كتاباً ودفعه إلى بعض أقربائه كي يسلّموه إلى رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ وذكر فيه إسلامه وإيمانه، وأنّه من أُمة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ و مما جاء في هذه الرسالة: «فإن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني» ومات الرجل، وكان الكتاب ينتقل من واحد إلى آخر، فلما قدم النبي المدينة دفعوا إليه الكتاب فقال: مرحباً بالأخ الصالح»(1) . فهل يصحّ للنبي أن يصف المشرك بالأخ الصالح؟ أو أن تقراً عليه الرسالة ويقف على ما طلبه منه من الأمر المحرم دون أن يرد عليه؟ كل ذلك يعرب عن أنّ طلب الدعاء وطلب الشفاعة من الصالحين والأنبياء ليس شركاً في العبادة، ولا أمراً محرماً، ما هذا الجمود في فهم الإسلام؟ وما هذه الظنون والشبه الّتي تعتمدون عليها؟ فإنّ الإسلام دين حنيف سهل . نعم لهم اعتراض على ما ذكرناه من الأدلة، بأنها ترجع إلى طلب الشفاعة من الأحياء، وأن البحث إنما هو في طلبه من غيرهم، والجواب من وجهين: الأوّل: قد عرفت في البحث السابق بوجوه قيمة من أنّ الطلب متوجه إلى الأرواح المقدسة الّتي لم تنقطع صلتها بنا، وقد جرت السنة على ذلك، وقد عرفت الأدلة على جواز التكلم مع الأرواح المؤمنة والمشركة، كما عرفت أنّ الأنبياء العظام كصالح وشعيب، والنبي الأكرم كلّموا قومهم بعد هلاكهم ودمارهم، غير أنّه تكميلا للبحث نذكر بعض ما ورد من الأثر في ذلك