بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
بأن الجراد آت إلى بلادنا و نحن نخشى أن يأكل الجراد زراعتنا، فأجاب الحاكم ساخراً من الجراد: سنخرج على الجراد دجاجاً فتأكله، وبهذا غضب اللّه سبحانه لسخرية الحاكم بالجراد، وهو آية من آيات اللّه لا يجوز السخرية منها، ولهذا أرسل اللّه الجراد على بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها(1) .نحن نفترض أنّ أمير العيينة استهزأ بآية من آيات اللّه فكفر، فيجب ضرب عنقه بسيف الجلادين، فهل كفر الآخرون، وهل تزر وازرة وزر أُخرى، وما هي إلاّ خدعة يمّوه بها الأمر على الصبيان وأشباههم.فلما قضى محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على مناوئيهم في المنطقة، قويت الإمارة السعودية من طريق الدين باتّباعها محمد بن عبدالوهاب، وقويت دعوة ابن عبد الوهاب بطريق السيف باتّباع ابن سعود له وانتصاره به، فكان ابن سعود الأمير الحاكم، وابن عبد الوهاب الزعيم الديني، وصارت ذرية كل منهما تتولى مرتبة سلفها.لقد قوّى انتصار القبيلة السعودية على حاكم «العيينة» عزيمتهم على توسيغ نطاق حكومتهم، مغبة أمر محمد بن عبد الوهاب بالجهاد وحث اتباعه عليه، وأول جيش تم تأليفه له من سبع ركائب(2) ومعلوم أنّ هذه الجيوش والركائب لم تغز بلاد الكفار والمشركين، ولا الرومان، وإنما غزوا بلاد المؤمنين، بلاد القائلين بـ (لا إله إلاّ اللّه، محمد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ) ولما أحس ابن عبد الوهاب بسلطة وقدرة، كتب إلى أهل نجد (وهم المسلمون بزعمهم) على الدخول في مذهب التوحيد، فأطاع بعضهم بينما امتنع آخرون، فأمر أهل «الدرعية» بالقتال، فأجابوه وقاتلوا معه أهل نجد والأحساء مراراً، حتّى دخل بعضهم في طاعته طوعاً أو كرهاً، وصارت جميع إمارة نجد لآل سعود بالقهر والغلبة»(3) .