بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
إيماني، واحزناه على قلة حزني، واأسفاه على السنة وذهاب أهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونوني على البكاء، واحزناه على فقد أُناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتبّاً لمن شغله عيوب الناس عن عيبه.
إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذمّ العلماء وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ [ وآله ]: «لا تذكروا موتاكم إلاّ بخير، فإنّهم قد أفضوا إلى ما قدموا» بل اعرف أنّك تقول لي لتنصر نفسك: إنّما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شمّوا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ [ وآله ]وهو جهاد، بلى واللّه عرفوا أخيراً كثيراً مما إذا عمل به العبد فقد فاز، وجهلوا شيئاً كثيراً مما لا يعنيهم، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يا رجل! باللّه عليك كفّ عنّا، فإنّك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ [ وآله] المسائل وعابها، ونهى عن كثرة السؤال وقال: «إنّ أخوف ما أخاف على أُمّتي كل منافق عليم اللسان» وكثرة الكلام بغير زلل، تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات الّتي تعمي القلوب، واللّه قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟.
لنرد عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعت «سموم» الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم، وتكمن واللّه في البدن، واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبّر وخشية بتذكّر وصمت بتفكّر. واهاً لمجلس يذكر فيه الأبرار، فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما، باللّه خلّونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدّوا في ذكر بدع كنّا نعدّها من أساس الضلال، قد صارت هي محض السنة وأساس