بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
تعملا معاً حينما أموت، وأن لا تتجادلا فيما بينكما بحيث لا يسمع العالم عدم توافقكما، ولكن ما مضى شيء من موت الوالد حتّى بدأت الخلافات تظهر بسرعة، وتزايدت الانشقاقات بأكثر مما كان يتصور(1) .سقط الملك سعود عام 1381 هـ مريضاً بسبب قرحة في الأمعاء، وأشار الأطباء الأمريكيون عليه بالذهاب للعلاج إلى أمريكا، ولما عاد سعود إلى البلاد بعد بضعة أشهر استغرقت علاجه في الخارج، وبعد أن استحوذ فيصل على كل شيء من أجهزة الدولة، وكادت أن تقع مصادمات عنيفة بين الأخوين لولا أن تدخلت العائلة، حيث أثمرت تسوية بين الأخوين على أن يتقاسما الوزارة .وفي خريف عام 1382 هـ قصد سعود أوربا للعلاج، فأخذ فيصل يعمل بنشاط لإحكام سيطرته على السلطة، وعيّن أخاه غير الشقيق قائداً للحرس الوطني، وأخاً آخر حاكماً للرياض، فلما عاد سعود فوجىء بالتغييرات الأخيرة، فاضطر إلى الرضوخ لما أملاه عليه أخوه من الظهور بمظهر الملك، دون صلاحية للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد .وانتهى بعد خلافات واسعة إلى خلع سعود بن عبدالعزيز عن الملك، وحلّ فيصل بن عبدالعزيز ملكاً مطلقاً على المملكة، وصدرت الفتوى (الشرعية) اللازمة من الشيخ محمد إبراهيم مفتي الديار السعودية في 16 من شهر جمادى الثانية عام 1382 هـ، واضطر سعود إلى مغادرة البلاد والانتقال إلى مصر، فحل في القاهرة ضيفاً على عبد الناصر أيام كانت العلاقات بين مصر والجزيرة العربية متوترة، إلى أن مات فيها عام يراجع المصدر وقد كان ذا ثروة طائلة بذلها لاسترداد عرشه، ولكنه خسر في هذه المحاولة .يقول جبران شامية: ما من رجل استطاع أن يبذل هذه الأموال في مثل هذا الوقت القصير، وبمثل هذه النتائج الضئيلة كسعود(2) .