بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
وعند ذلك كيف يمكن أن توصف تلكم الاحتفالات الباهرة بالبدعة؟ أوليست البدعة هي إدخال ما ليس من الدين في الدين؟ وهل المسلمون أدخلوا في الدين ما ليس منه؟ أوليس تكريمه وتوقيره هو الأصل الرصين؟ أوَليس الإحتفال الباهر تحقيقاً عملياً لذلك المبدأ عند جميع العقلاء، فأين البدعة ياترى؟ أوَليس القرآن والسنة ندبا المسلمين إلى حب النبي، وهل الحب يجب أن يبقى كامناً في مكامن النفس، ولو تظاهر به الإنسان كان عاصياً، أو أن المحبة والمودة لها مظاهر ومجال، وإظهار الفرح يوم ولادته والحزن يوم رحلته دليل على الحب الأصيل والمودة المكنونة في القلب .ولسنا ننكر أن لإظهار المودة وتوقيره طرقاً أُخرى، منها التمسك بسة قولا وعملا وتعلماً وتعليماً وإيثاراً، أو التأسّي بأخلاقه وآدابه، ونشر سنته وأحاديثه، إلى غير ذلك مما يمكن أن يكون مظاهر للحب، ـ ولكن أيها الأخ العزيز ـ لا ينحصر إظهار الحب والتكريم في هذه الأُمور، فإنّها من الوظائف الدينية الّتي يجب على المسلم القيام بها في كل يوم وليلة، وهي في الوقت نفسه مظاهر لتوقير النبي وتكريمه وإظهار المودة والحب له، ولكن الاحتفال بمولده وإقامة العزاء في يوم رحلته أيضاً مظهر آخر للتوقير والتكريم وإظهار المودة، فلماذا نؤمن ببعض ونكفر ببعض؟ .فكيف تقام الاحتفالات في نفس المملكة السعودية لأبناء عائلتها وتغفل عن النبي الأكرم وأهل بيته، وإن كنت في شك من ذلك فانظر إلى العدد (102) من مجلة «الفيصل» الّتي تصدر في طباعة أنيقة جداً في السعودية، فهو يحتوي على تقرير مبسوط عن الاحتفال الكبير الّذي أقامته السلطات السعودية بمناسبة عودة «الأمير سلطان» من الرحلة الفضائية في مركبة «ديسكفري»، ويحتوي هذا العدد على صور كثيرة تحكي عن حجم المبالغ الطائلة الّتي صرفت في ذلك الاحتفال، وقد نشرت الكلمات والقصائد الّتي أُلقيت فيه، وقرىء فيها المدح المفرط والثناء المسرف على آل سعود عامة والأمير العائد من الرحلة الفضائية خاصة...ألا يستحق رسول الإسلام أن تخلُّد ذكرى مولده الشريف، وتنشر مناقبه