بحوث فی الملل والنحل جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
أم هبت الريح من تلقاء كاظمةً * وأومض البرق في الظلماء من أضم(1)فهل يتصور أن يعد ذلك أمراً محرماً وبدعة؟ وكأنّ الرسول يجب أن يكون خامل الذكر. ولو هتف به هاتف بالتكريم يكون آثماً، يجب أن يجلد أو يقتل لأجل البدعة أو الشرك: سبحانك يا رب ما أعظم جرأتهم على الحط من كرامة الرسول وعظمته!!نرى أنه سبحانه خَلَّدَ ذكره ورفع مقامه بمنْحِهِ النبوة وقال: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(2) فلنفترض أن الآية: «رفعنا لك ذكرك» تشير إلى منح منصب النبوة، ومقام الرسالة له، ولكن يستفاد من الآية أن رفع النبي أمر مطلوب للّه سبحانه، وأن تتويجه بالنبوة سبب لذلك الرفع المحمود، فالاحتفال بمولده ليس إلاّ تجسيداً لذلك الرفع المطلوب، وليس لقائل أن يقول: إنّ المطلوب هو رفعه بمنح النبوة له فقط، فلا يسوغ ترفيعه وتخليد ذكراه في المجتمع عن طريق آخر، فإنّ ذلك يأباه الذوق السليم .هذا هو معنى البدعة، وهذا تحديدها، فاتخذه مقياساً تميز به المبتدع عن المتشرع، والبدعة عن السنة، وبذلك تقف على أن أكثر ما يصفونه بالبدعة له أصل في القرآن والسنة، ولأجل أن يكون البحث مترامي الأطراف نردفه بالبحث عن التبرك، حتّى يكون الوقوف على حقيقته معيناً على حل عقدهم ومشاكلهم، وسيوافيك البحث مستقلا عن الاحتفال بالمواليد .