(وشئ من سدر) بقاء الصفات الإنسانية (قليل) (ذلك) العقاب (جزيناهم)
بكفرانهم النعم (وهل نجازي) بذلك (إلا الكفور) الذي يستعمل نعمة الرحمن في
طاعة الشيطان (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها) من الحضرة القلبية والسرية
والروحية والإلهية بالتجليات الأفعالية والصفاتية والأسمائية الذاتية وأنوار المكاشفات
والمشاهدات (قرى ظاهرة) مقامات ومنازل مترائية متواصلة كالصبر والتوكل والرضا
وأمثالها (وقدرنا فيها السير) إلى الله وفي الله مرتبا يرتحل السالك في الترقي من مقام
وينزل في مقام (سيروا) في منازل النفوس (ليالي) وفي مقامات القلوب ومواردها
(وأياما آمنين) بين القواطع الشيطانية وغلبات الصفات النفسانية بقوة اليقين والنظر
الصحيح على منهاج الشرع المبين.(فقالوا) بلسان الحال والتوجه إلى الجهة السفلية المبعدة عن الحضرة القدسية
والميل إلى المهاوي البدنية والسير في المهامة الطبيعية والمهالك الشيطانية (ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم) بالاحتجاب عن أنوار القرى المباركة بظلمات البرازخ
المنحوسة (فجعلناهم أحاديث) وآثارا سائرة بين الناس في الهلاك والتدمير
(ومزقناهم) بالغرق والتفريق.
تفسير سورة سبأ من آية 20
إلى الآية 54
(ولقد صدق عليهم) على الناس (إبليس ظنه) في قوله: (ولأضلنهم * ولأمرنهمفليغيرن خلق الله) [النساء، الآية: 119] وأمثال ذلك. والفريق المستثنون هم
المخلصون (وما كان له عليهم من سلطان) أي: ما سلطناه عليهم إلا لظهور علمنا في مظاهر العلماء المحققين المخلصين وامتيازهم عن المحجوبين المرتابين، فإن المستعد
الموفق الصافي القلب ينبع علمه من مكمن الاستعداد ويتفجر من قلبه عند وسوسة
الشيطان فيرجمه بمصابيح الحجج النيرة ويطرده بالعياذ بالله عند ظهور مفسدته الغوية
بخلاف غيره من الذين اسودت قلوبهم بصفات النفوس وناسبت بجهالاتهم مكايد
الشيطان وأحوال القيامة الكبرى من الجمع والفصل والفتح بين المحق والمبطل ومقالات
الظالمين كلها تظهر عند ظهور المهدي عليه السلام.