سورة نوح - عليه السلام -
تفسير سورة نوح - عليه السلام - من آية 1 - 14
بسم الله الرحمن الرحيم(أن اعبدوا الله) بالمجاهدة والرياضة في سبيله (واتقوه) بالتجرد عما سواه حتى
صفاتكم وذواتكم (وأطيعون) بالاستقامة (يغفر لكم) ذنوب آثار أفعالكم وصفاتكم
وذواتكم (ويؤخركم إلى أجل) معين لا أجل بعده، وهو الفناء في التوحيد (إن أجل الله) الذي هو توفيه إياكم بذاته (إذا جاء لا يؤخر) بوجود غيره بل يفنى كل ما عداه
(لو كنتم تعلمون) (قال رب إني دعوت قومي) في مقام الجمع بين الظلمة والنور إلى
التوحيد (فلم يزدهم دعائي إلا فرارا) لأنهم كانوا بدنيين ظاهريين لا يرون النور إلا
للضوء الجسماني ولا الوجود إلا للجواهر الجسمانية الغاسقة، فينفروا عن إثبات نور
مجرد أنوارهم بالنسبة إليه ظلمات.(وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم) وتسترهم بنورك تصاموا عنه لعدم فهمهم وقصور
استعدادهم أو زواله (واستغشوا ثيابهم) وتستروا بأبدانهم والتحفوا بها لشدة ميلهم إليها
وتعلقهم بها واحتجابهم (وأصروا) على ذلك ولم يعزموا التجرد (واستكبروا)
لاستيلاء صفات نفوسهم واستعلاء غضبهم (ثم إني دعوتهم جهارا) نزلت عن مقام
التوحيد ودعوتهم إلى مقام العقل وعالم النور (ثم إني أعلنت لهم) بالمعقولات الظاهرة
(وأسررت لهم) في مقام القلب بالأسرار الباطنة ليتوصلوا إليها بالمعقولات.(فقلت استغفروا ربكم) أي: اطلبوا أن يستركم ربكم بنوره فتتنور قلوبكم
وتكاشفوا بالحقائق الإلهية والأسرار الغيبية (يرسل) سماء الروح (عليكم مدرارا)
بأمطار المواهب والأحوال (ويمددكم بأموال) المكاسب والمقامات (وبنين) التأييدات
القدسية من عالم الملكوت (ويجعل لكم جنات) الصفات في مقام القلب وأنهار
العلوم.