تفسير سورة الحج من آية 31 - 33
(حنفاء لله) مائلين عن الطرق الفاسدة، والعلوم الباطلة، معرضين عن كل مايغيره من الكمالات والأعمال، ولو لنفس الكمال والتزين به فإنه حجاب (غير مشركين
به) بالنظر إلى ما سواه والالتفات في طريقه إلى ما عداه. (ومن يشرك بالله) بالوقوف
مع شيء والميل إليه (فكأنما خر من) سماء الروح (فتخطفه) طير الدواعي النفسانية
والأهواء الشيطانية فتمزقه قطعا جذاذا (أو تهوي به) ريح هوى النفس في (مكان)
بعيد من الحق ومهلكة عمياء متلفة (ومن يعظم شعائر الله) من النفوس المستعدة
المسوقة نسائق التوفيق في سبيل الله ليهدي بها لوجه الله، فإن تعظيمها بتحصيل كمالها
من أفعال ذي القلوب المتقية المجردة عن الصفات النفسانية والهيئات الظلمانية.(لكم فيها منافع) من الأعمال والأخلاق والكمالات العلمية والعملية (إلى أجل
مسمى) هو الفناء في الله بالحقيقة (ثم محلها) حد سوقها وموضع وجوب نحرها
بالوصول إلى حرم الصدر عند كعبة القلب إلى مقام السر، وترقي النفس إلى مقامه،
فانية عن حياتها وصفاتها.
تفسير سورة الحج من آية 34 - 37
(ولكل أمة) من القوى (جعلنا) عبادة مخصوصة بها (ليذكروا اسم الله)بالاتصاف بصفاته التي هي مظاهرها في التوجه إلى التوحيد (على ما رزقهم من)
الكمال بواسطة (بهيمة) النفس التي هي من جملة (الأنعام) أي: النفوس السليمة
(فإلهكم إله واحد) فوحدوه بالتوجه نحوه من غير التفات إلى غيره، وخصصوه
بالانقياد والطاعة ولا تنقادوا إلا له (وبشر) المنكسرين المتذللين القابلين لفيضه.(الذين إذا ذكر الله) بالحضور (وجلت قلوبهم) انفعلت لقبول فيضه
(والصابرين) الثابتين (على ما أصابهم) من المخالفات والمجاهدات (والمقيمي)
صلاة المشاهدة (ومما رزقناهم) من الفضائل والكمالات (ينفقون) بالفناء في الله
والإفاضة على المستعدين.(والبدن) أي: النفوس الشريفة العظيمة القدر (جعلناها) من الهدايا المعلمة لله
(لكم فيها خير) سعادة وكمال (فاذكروا اسم الله عليها) بالاتصاف بصفاته وإفناء
صفاتكم فيه، وذلك هو النحر في سبيل الله (صواف) قائمات بما فرض الله عليها،
مقيدات بقيود الشريعة، وآداب الطريقة، واقفات عن حركاتها واضطراباتها (فإذا)