تفسير سورة الزمر من آية 5
إلى آية 6
(خلق السماوات والأرض بالحق) بظهوره في مظاهرها واحتجابه بصورها مصرفاللكل بقدرته وفعله (وسخر الشمس والقمر) بسلطانه وملكه فلا ذات ولا صفة ولا فعل
لغيره، وذلك دليل وحدانيته (إلا هو العزيز) القوي الذي يقهر الكل بسطوة قهره
(الغفار) الذي يسترهم بنور ذاته وصفاته فلا يبقى معه غيره أو العزيز المتمنع باحتجابه
عن خلقه بصور مخلوقاته الغفار الذي يستر لمن يشاء ذنوب وجوده وصفاته فيظهر عليه
ويتجلى له بصفاته وذاته.(خلقكم من نفس واحدة) هي آدم الحقيقي، أي: النفس الناطقة الكلية التي
تتشعب عنها النفوس الجزئية (ثم جعل منها زوجها) النفس الحيوانية (وأنزل لكم)
لكون صورها في اللوح المحفوظ ونزول كل ما وجد في عالم الشهادة من عالم الغيب
(خلقا من بعد خلق) يخلقكم في أطوار الخلقة متقلبين (في ظلمات ثلاث) من
الطبيعة الجسمانية والنفس النباتية والحيوانية (ذلكم) الخالق لصوركم، المكورة، أي:
المصرف بقدرته المسخر بملكوته وسلطانه، المنشئ للكثرة من وحدته بأسمائه
وصفاته، المنزل لما قضى وقدر بأفعاله هو الذات الموصوفة بجميع صفاته يربكم
بأسمائه (له الملك) يتصرف فيه بأفعاله (لا إله إلا هو) في الوجود (فأنى تصرفون)
عن عبادته إلى عبادة غيره مع عدمه.
تفسير سورة الزمر من آية 7 - 9
(إن تكفروا) وتحتجبوا بصفاتكم وذواتكم فإن الله لا يحتاج إلى ذواتكموصفاتكم في ظهوره وكماله، لكونها فانية في نفس الأمر ليست شيئا إلا به، فضلا عن
احتياجه إليها وهو الظاهر بذاته لذاته والباطن بحقيقته، المشاهد لكماله بعينه (ولا يرضى لعباده) الاحتجاب لكونه سبب هلاكهم ووقوعهم في أسر المالك والزبانية ولا
يتعلق بهم الرضا، ولا يقبلون نوره فيدخلوا الجنة (وإن تشكروا) برؤية نعمه واستعمالها
في طاعته لتستعدوا لقبول فيضه يرضى الشكر لكم بتجلي الصفات لتتصفوا بها فتبلغوا
مقام الرضا وتدخلوا الجنة، فما تبعة الكفر إلا عليكم ولا ثمرة الشكر إلا لكم، أهذا
الكافر المحجوب أفضل.