سقطت عن هواها الذي هو حياتها وقوتها التي بها تستقل وتضطرب بقتلها في الله
(فكلوا) استفيدوا من فضائلها وأفيدوا المستعدين والطالبين المتعرضين للطلب من
المريدين (كذلك سخرناها لكم) بالرياضة (لعلكم تشكرون) نعمة الاستعداد والتوفيق
باستعمالها في سبيل الله.(لن ينال الله لحوم فضائلها وكمالاتها ولا إفناؤها بإزالة أهوائها التي هي دماؤها
(ولكن يناله) التجرد (منكم) عنها وعن صفاتها. فإن سبب الوصول هو التجرد والفناء
في الله، لا حصول الفضائل مكان الرذائل. مثل ذلك التسخير بالرياضة (سخرها لكم
لتكبروا الله) بالفناء فيه عنها وعن كل شيء على النحو الذي هداكم إليه بالتجريد
والتفريد والسلوك في الطريقة إلى الحقيقة. (وبشر المحسنين) الشاهدين في العبودية
عن البقاء والفناء حال الاستقامة والتمكين.
تفسير سورة الحج من آية 38 - 41
(إن الله يدافع) ظلمة القوى النفسانية بالتوفيق (عن الذين آمنوا) من القوىالروحانية (إن الله لا يحب كل خوان) من القوى التي لم تؤد أمانة الله من كمالها
المودع فيها بالطاعة فيها وخانت القلب بالغدر وعدم الوفاء بالعهد (كفور) باستعمال
نعمة الله في معصيته.(أذن للذين يقاتلون) الوهم والخيال وغيرهما من القوى الروحانية المجاهدين مع
القوى النفسانية (ب) سبب أنهم (انهم ظلموا) باستيلاء صفات النفس واستعلائها (الذين)
أي: المظلومين الذين (أخرجوا) من مقارهم ومناصبهم باستخدامها واستعبادها في
طلب الشهوات واللذات البدنية (بغير حق) لهم عليهم موجب لذلك إلا للتوحيد
الموجب للتعظيم والتمكين والتوجه إلى الحق والإعراض عن الباطل.(ولولا دفع الله) ناس القوى النفسانية (بعضهم ببعض) كدفع الشهوانية بالغضبية
وبالعكس، أو ناس القوى مطلقا كدفع النفسانية بالروحانية ودفع الوهمية بالعقلية
والنفسانية بعضها ببعض كما ذكر (لهدمت صوامع) رهبان السر وخلواتهم (وبيع)
نصارى القلب ومحال تجلياتهم (وصلوات) يهود الصدور ومتعبداتهم (ومساجد)
مؤمني الروح ومقامات مشاهداتهم وفنائهم في الله (يذكر فيها اسم الله) الأعظم بالتخلق
بأخلاقه والاتصاف بصفاته والتحقق بأسراره والفناء في ذاته (ولينصرن الله) يقهر بنوره
من بارزه بوجوده وظهوره (عزيز) يغلب من ماثلة باستعلائه وجبروته.