سورة فاطر
تفسير سورة فاطر من آية 1 - 9
بسم الله الرحمن الرحيم(جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة) عن جهات التأثير الكائنة في الملكوتالسماوية والأرضية بالأجنحة، جعلها الله رسلا مرسلة إلى الأنبياء بالوحي وإلى الأولياء
بالإلهام وإلى غيرهم من الأشخاص الإنسانية وسائر الأشياء بتصريف الأمور وتدميرها،
فما يصل بتأثيرهم إلى ما يتأثر منه فهو جناح، فكل جهة تأثير جناح مثلا: أن العاقلتين
العلمية والنظرية جناحان للنفس الإنسانية والمدركة والمحركة الباعثة والمحركة الفاعلة
ثلاثة أجنحة للنفس الحيوانية والغاذية والنامية والمولدة والمصورة أربعة أجنحة للنفس
النباتية. ولا تنحصر أجنحتهم في العدد بل لهم بحسب تنوعات التأثيرات أجنحة. ولهذا
حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جبريل عليه السلام ليلة المعراج وله ستمائة جناح، وأشار
إلى كثرتها بقوله تعالى: (يزيد في الخلق ما يشاء).
تفسير سورة فاطر من آية 10
إلى الآية 28
(ومن كان يريد العزة فلله العزة جميعا) أي: العزة صفة من صفات الله مخصوصةبه، من أرادها فعليه بالفناء في صفات الله تعالى عن صفاته، ثم علم طريق التجريد
ومحو الصفات بقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب) أي: النفوس الصافية الطيبة عن
خبائث الطبائع الباقية على نور فطرتها، الذاكرة لميثاق توحيدها (والعمل الصالح)
بالتزكية والتحلية (يرفعه) أي: يرفع ذلك الجنس الطيب إلى حضرته دون غيره فيتصف
بصفة العزة وسائر الصفات.
أو إليه يصعد العلم الحقيقي من التوحيد الأصلي الفطري
الطيب عن خبائث التوهمات والتخيلات والعمل الصالح بمقتضاه يرفعه دون غيره كما
قال أمير المؤمنين عليه السلام: '' العلم مقرون بالعمل، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه
وإلا ارتحل ''، أي: سلم الصعود إلى الحضرة الإلهية هو العلم والعمل لا يمكن الترقي
إلا بهما ولا يكفي التوحيد الذي هو الأصل في الاتصاف بعزته وسائر صفاته لأن
الصفات مصادر الأفعال فما لم يترك الأفعال النفسية التي مصادرها صفات النفس بالزهد
والتوكل ولم يتجرد عن هيئاتها بالعبادة والتبتل لم يحصل استعداد الاتصاف بصفاته
تعالى، فكان العلم الحقيقي الذي هو التوحيد بمثابة عضادتي السلم والعمل بمثابة
الدرجات في الترقي.