لكنّي ملجم إلى أن ألقى الله
لكنّي ملجم إلى أن ألقى الله
قال أبو عبيدة: لما استقامت الخلافة لأبي بكر، بلغ أبا بكر عن علي (عليه السلام)تلكؤ وشماس وتهمهم ونفاس، فكره أن يتمادى الحال وتبدو له العورة، وتنفرج ذات البين، ويصير ذلك دريئة لجاهل مغرور، أو عاقل ذي دهاء، أو صاحب سلامة ضعيف القلب خوار العنان، دعاني في خلوة فحضرته وعنده عمر وحده ـ وكان عمر قبساً له وظهيراً معه يستضيء بناره ويستملي من لسانه ـ فقال لي: يا أبا عبيدة!... امض إلى عليّ... وقل له:... ما هذا الذي تسول لك نفسك، ويدوي به قلبك، ويلتوى عليه رأيك، ويتخاوص دونه طرفك، ويستشري به ضغنك، ويترادّ معه نفسك، وتكثر لأجله صعداؤك، ولا يفيض به لسانك؟ أعجمة بعد افصاح، ألبساً بعد أيضاح؟... ما هذه القعقة بالشنآن، والوعوعة باللسان؟..
قال أبو عبيدة: فلما تهيأت للنهوض قال لي عمر: كن على الباب هنيئة فلي معك ذرو من الكلام.. فوقفت وما أدري ما كان بعدي إلا أنه لحقني بوجه يندى تهللاً وقال لي: قل لعليّ:... ما هذه الخنزوانة التي في فراش رأسك؟! وما هذا الشجا المعترض في مدارج أنفاسك؟ وما هذه الوحرة التي أكلت شراسيفك، والقذاة التي أعشت ناظرك؟! وما هذا الدحس والدس، اللذان يدلان على ضيق الباع وخور الطباع؟! وما هذا الذي لبست بسببه جلد النمر واشتملت عليه