قال الحسن: معناه تعظيم الوزر والإثم. قال ابن مسعود: من قتل نفسا فكأنما قتلالناس عند المقتول، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس عند المستقيد. وقال ابن زيد: معناه أنه يجب من القتلوالقود مثل ما يجب عليه لو قتل الناسجميعا، ومعنى من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعامن نجاها من الهلاك مثل الحرق والغرق. وقيل: من عفا عن دمها وقد وجب القود عليها،وقيل: معناه من زجر عن قتلها بما فيه حياتها على وجه يفتدي به فيها بأن يعظمتحريم قتلها كما حرمه الله على نفسه فلميقدم عليه فقد حيي الناس بسلامتهم منه وذلكإحياؤه إياها، وهو اختيار الطبري. والله هو المحيي للخلق لا يقدر عليه غيره،وإنما قال: أحياها، على وجه المجاز بمعنى نجاها من الهلاك، كما حكى عن نمرود: أناأحيي وأميت، فاستبقي واحدا وقتل الآخر. والقول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى شبهقاتل النفس بقاتل جميع الناس ومنجيها بمنجي جميع الناس، وتشبيه الشئ بالشئيكون من وجوه حقيقة ومجازا، فيجب أن ينظر في التشبيه ههنا بما ذا يتعلق فلا يجوز أنيكون شبه الفعل بالفعل لأن قتل واحد لا يشبه قتل اثنين فلا بد من أن يكونالتشبيه في المعنى. ولا يجوز أن يقال شبه الإثم بالإثموالعقاب بالعقاب، لأن الذي يحاسب علىالفتيل والقطمير وتمدح بأنه لا يظلم مثقال حبة منخردل يمنع غناه وحكمته وعدله أن يسوي في العقاب بين قاتل نفس واحدة وبين قاتلنفسين فكيف من قتل نوع الناس فإذا التشبيه مجاز والمراد به تهويل أمر القتل ومبالغةفي الزجر عنه وأنه يستحق في الدنيا من كلمؤمن البراءة واللعنة والعداوة كما لو تعرض لهنفسه بالقتل لاستحق كل ذلك منه لكونالمؤمنين يدا واحدة على من سواهم. وقد قضى الحسن بن علي عليهما السلام فيرجل اتهم بأنه قتل نفسا فأقر بأنه قتل وجاء آخر فأقر أن الذي قتل هو دون صاحبهورجع الأول عن إقراره: أنه درأ عنهما القود والدية ودفع إلى أولياء المقتول الدية منبيت المال وقرأ هذه الآية ثم قال: هذا إنقتل ذاك فقد أحيا هذا.