ومما يمكن معارضة من ذهب إلى هذا المذهببه ما يروونه ويوجد في كتبهم في خبر أبي شريح الكعبي من قوله (ع): فمن قتلبعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية،ولفظه من يدخل تحته الواحد والجماعة دخولاواحدا. ويمكن أن يستدل أيضا على من خالف في قتلالجماعة بواحد بقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدىعليكم، والقاتلون إذا كانوا جماعة فكلهم معتد فيجب أن يعاملوا بمثل ماعاملوا به القتيل. فإن قالوا: الله تعالى يقول: النفس بالنفسوالحر بالحر وهذا ينفي أن تؤخذ نفسان بنفس وحران بحر. قلنا: المراد بالنفس والحر هاهنا الجنس لاالعدد، فكأنه قال: إن جنس النفوس تؤخذ بجنس النفوس وكذلك جنسالأحرار، والواحد والجماعة يدخلون في ذلك. فإن قيل: إذا اشتركت الجماعة في القتلفليس كل واحد من الجماعة منهم قاتلا وليس يجوز أن يقتل من ليس بقاتل. قلنا: كل واحد من الجماعة قاتل في حالالاشتراك ويطلق عليه هذا الاسم فكيف ظننتم أنا لا نطلق على أن كل واحدقاتل. فإذا قالوا: والقاتل لا بد له من مقتولفكيف يقولون في الجماعة؟ قلنا: مقتول الجماعة واحد وإن كان القتلةجماعة وكل واحد من القاتلين هو قاتل للنفس التي قتلها القاتل الآخر،ويجري ذلك مجرى جماعة حملوا جسما وكل واحد منهم حامل ومحمول الجماعة واحد وهوالجسم، وكذلك مقتول الجماعة المشتركين في القتل واحد وإن كان فعلأحدهم غير فعل صاحبه كما أن حمل كل واحد من حاملي الجسم غير حمل صاحبه وفعلهغير فعله وإن كان المحمول واحدا، وبيان هذه الجملة: أن القتل إذا كان على ماذكرناه في مواضع كثيرة من كلامنا هو نقض البنية التي لا تبقى الحياةمع نقضها، وكان نقض هذه البنية قد يفعله الواحد منا منفردا وقد يشتركالجماعة في نقض بنية الحياة فيكونون كلهم