تحوّلات الشخصيات جرأة مسرحية يجعلها غنى الحوار وتنوّعه ممكنة التحقيق. اللغة في ضحايا الواجب ليست ثرثرة آلية لأنها تترجم حياة وفكراً حقيقيين. لاشك أن بعض التلاعب بالكلام يثير الضحك: اختيار الأسماء - شوبير، نيكولادو - وبعض الردود الساخرة: لقد اخترق جدار الصوت.. جدار النظر.. لن يخترق جدار الاندهاش.. بعض التوريات والجناس: لقد بنى المهندسون المعماريون معبداً فوق الأمواج - إنه يخرّف(2)، لكن هذا التلاعب بالألفاظ ليس أساسياً. إن ما يصدم حقاً هو تغير هذه الطبقات، تترافق التحولات بتغيرات في اللهجة، والصوت، والمفردات، وفي الصياغة أيضاً. يستخدم المفتش الشاب الخجول جُملاً طويلة مركّبة، وسلسلة من القوالب المهذبة، أمّا الشرطي فيتحدث بصيغة التعجب، يلجأ إلى الشباب والفظاظة ويستخدم أحياناً تعابير نابية. يترجم الأب مشاعره بجمل ذات إيقاع موسيقى، جمل غنية بالاستعارات الجديدة، أما مادلين، الزوجة والعاشقة فليس لها اللهجة ذاتها ولا تتطرق إلى نفس الموضوعات. يتحدث شوبير مثل رجل ناضج حيناً، وطفل حيناً آخر، ومراهق حيناً ثالثاً. يريد يونسكو أن يعبّر أيضاً عن ما لا يقال. تصبح اللغة شعراً لتعبر عن حقيقة عميقة لا تخضع لمنطق علم النحو. تتشبع المفردات بالمدلولات وتتحول طاقتها إلى سحر. تلاقي الكلمات غير المنتظر ينير الواقع والصور المستخدمة كمخدر، حسب صيغة سريالية(1) تفتح أبواب الليل. ..تلوح في البعيد، برّاقة وسط الظلمات، في هدوء يشبه هدوء الحلم، محاطة بالعاصفة، مدينة رائعة.. أو حديقة عجيبة، نافورة متدفقة، ألعاب مائية، أزهار من نار في الليل.. قصر من السنة اللهب المتجمدة، تماثيل براقة، بحار هائجة، قارات مشتعلة في العتمة، في محيطات من الثلج!.