قاتل بلا أجر - یوجین یونسکو نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

یوجین یونسکو - نسخه متنی

کلود ابستادو ؛ مترجم: قیـس خضور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

قاتل بلا أجر

سنوات أربع تفصل قاتل بلا أجر، عن أميديه، ففي عام 1957، وبعد مجموعة من الاسكتشات الخفيفة، و مسرحية قصيرة التي تعتبر مسرحية ذات قضية، راح يونسكو يتوغل من جديد في غابة الأحلام والرغبات. قاتل بلا أجر مسرحية في ثلاثة فصول، يعود تاريخ كتابتها إلى شهر آب 1957، وقدّمها جوزيه كواغليو على مسرح ريكامييه في 2 آذار 1959.

يرافق مهندس البلدية ضيفه برانجيه في زيارة للمدينة المشّعة وهي حي من أحياء المدينة، سماؤه صافية زرقاء دائماً، شوارعه مشمسه، بيوته محاطة بالخضرة والأزهار. يستعيد بيرانجيه، وهو القادم من حي قذر ضبابي بارد، لحظات النشوة القديمة، سعادة الحياة والحب، فرح اليقين، مشاعر الخفة والرغبة في الانطلاق.

أعلن بيرانجيه عن رغبته في الإقامة في المدينة المشّعة لكنه لاحظ أشياء غريبة: حجر يسقط عند قدميه، تحطّم زجاج نافذة، الشوارع خالية، نوافذ البيوت مغلقة.. فيشعر بالقلق. يخبره المهندس المعماري أن جميع السكان يفكرون بالهروب لأن قاتلاً يصعب الإمساك به يعيث فساداً في المدينة. في بركة الماء القريبة هناك ثلاث جثث هي آخر ضحايا القاتل.

يفزع بيرانجيه ويحاول الهرب لكن المهندس المعماري، وهو في الوقت نفسه رئيس الشرطة، يرافقه خارج الحي ويجلسان على شرفة أحد المقاهي قريباً من موقف الباص. يشرح المهندس لبيرانجيه أن القاتل يرتكب جرائمه في هذا المكان: يختار ضحيته، يستثير شفقتها، يعرض عليها أغراضاً متنوعة، أزهاراً اصطناعية، بطاقات بريدية، مقصّات، صوراً خليعة.

- [..] وأثناء المساومة يصل مع ضحيته قرب البركة التي تعرفها، آنذاك، وعلى حين غرّة، يستخدم حيلته العظمى فيقترح أن يعرض على الضحية صورة الكولونيل، وهذا إغراء لا يُقاوم. بما أن النور لا يكون كافياً، تنحني الضحية ذات الروح البريئة لترى جيداً، وفي تلك اللحظة تكون النهاية إذ أن القاتل ينتهز فترة انشغالها بتأمل الصورة فيدفعها في البركة وتغرق.

يُسمع فجأة صراخ وصوت سقوط جسم في الماء: إنها داني، سكرتيرة المهندس، ضحية القاتل الجديدة فهي لم تعد تحت حماية المصلحة.

يبين ديكور الفصل الثاني غرفة بيرانجيه، غرفة في الطابق الأرضي مظلمة قبيحة، عند طرف المدينة البعيد، في حي لا يعرف سوى فصل الخريف. في الخارج، حارسة البناية تغني وهي تدفع مكنستها، ومتشرد يردد مطلع أغنية، سائقان يتبادلان الشتائم، قائد طائرة يتحدث عن همومه:

- كنا على ارتفاع سبعة آلاف متر عندما رأيت، فجأة، جناح الطائره ينفصل عنها.

- (صوت رقيق): وماذا بعد

- قلت في نفسي، حسناً، بقي الجناح الآخر، تجمّع الركاب كلهم في جهة ليحفظوا توازن الطائرة التي كانت تطير بجناح واحد.

- هل خفتم؟

- انتظر.. فجأة فقدت الطائرة جناحها الثاني، ومحركاتها.. ومراوحها.. وكنا على ارتفاع سبعة آلاف متر‍..

يبحث رئيس عمال عن حل لتحسين مردود مؤسسته:

- يضيّع الصبيان الموزّعون عندنا وقتاً كبيراً عندما يذهبون للتبول. خمس مرات وسطياً في اليوم يعطلون عمليات التوزيع ليقضوا حاجتهم، وأجرة هذا الوقت الضائع لا تحسم من أجورهم. إنهم يستغلون هذا الوقت فلابد من تنظيمهم: ليتبوّلوا مرة واحدة في الشهر، بالتناوب، خلال أربع ساعات ونصف بلا انقطاع، وهذا سيوفّر عملية الذهاب والإياب التي تكلّفنا غالياً. الجمال أيضاً تستطيع تخزين الماء.

رجلان عجوزان يتحسّران على الماضي الجميل، ومعلّم الصف يشرح درساً في التاريخ، والبقال يتجادل مع زبونه، وساعي البريد يحمل طرداً لبيرانجيه.. المدينة كلها، الحياة بما فيها.

يصل بيرانجيه فيجد ادوار ينتظره في غرفته.. لقد فوجىء أن هذا الصديق يملك مفتاحاً لغرفته. يروي بيرانجيه قصة القاتل فلا تظهر علامات الدهشة على ادوار.. عند الخروج، يفتح ادوار، بحركة جائشة، الحقيبة السوداء الضخمة التي لم يتركها منذ بداية الفصل، ولم يرفع نظره عنها. وجد فيها بيرانجيه، وهو مذهول، أزهاراً اصطناعية، بطاقات بريدية، دبابيس، حاملات أقلام، وصوراً للكولونيل. لقد اكتشف فيها أيضاً اسم القاتل وعنوانه، يومياته السرية، وقائمة بجرائمه وأسماء ضحاياه. لم يستطع ادوار أن يبّرر وجود هذه الأشياء في حقيبته. قرر بيرانجيه أن يذهب برفقة ادوار يخبر الشرطة، لكن ادوار ينسى الحقيبة على كرسي في غرفة بيرانجيه.

في الفصل الثالث، ترى الأم بيبا، في أحد شوارع المدينة تحت رايات خضراء عليها صورة أوزة بيضاء. تخطب في الجماهير. إنها تطالب بالسلطة وتعرض برنامجها السياسي. إنها تعد بتحرير الإنسانية بواسطة استعباد الأفراد، كما تعد بالحساء الشعبي للجميع، إنها تصف العصر شبه العلمي:

- أعدكم بتغيير كل شيء، ولكي نغيّر كل شيء يجب أن لا نغيّر أي شيء، ستتغير الأسماء لكن الأشياء لن يطرأ عليها أي تغيير. الخداع القديم لم يصمد أمام التحليل النفسي ولا التحليل الاجتماعي. سيكون الخداع الجديد منيعاً. لن يكون هناك سوى أنماط من سوء التفاهم، سنجعل الكذب يبلغ درجة الكمال [..] لن نضطهد أحداً بعد الآن، لكننا سنعاقب وسنحقق العدالة. لن نستعمر الشعوب، سنحتلّها لنحررها، لن نستغل الناس لكننا سنجعلهم ينتجون. سيُسمّى العمل الإجباري عملاً طوعياً.. والحرب سلاحاً، وسوف يتغيّر كل شيء بفضلي وفضل وزّاتي [..] أمّا فيما يتعلّق بالمثقفين.. سنعيدهم إلى جادة الصواب ونجعلهم يسيرون بخطى الوزّة عاشت الوزّات!

يسير بيرانجيه وادوار، الأول يجرّ الثاني، يريد بيرانجيه أن يصل إلى مديرية الأمن قبل أن تغلق أبوابها؛ أما ادوار فيريد أن يستريح قليلاً لأن السعال والبصاق أنهكاه، وعندما يلاحظ بيرانجيه أن ادوار لا يحمل حقيبة القاتل تظهر حقائب مماثلة لها من كل صوب: حقيبة تحت ذراع سكّير، وأخرى في كف رجل عجوز ذي لحية بيضاء، وثالثة بين يدي الأم بيبا لكن لم تكن أية واحدة منها حقيبة القاتل. يطلب بيرانجيه من ادوار أن يعود إلى غرفته لحيضر الحقيبة بينما يتابع هو طريقه إلى مديرية الأمن. انقضى وقت طويل وهو ضائع في زحمة الشارع لكن الزمن توقف، لحسن الحظ، مثلما توقفت حركة المرور.. أخيراً، في أصيل شاحب، في زمان ومكان جامدين وجد نفسه وحيداً على طريق لا نهاية لها. تغدو خطواته بطيئة أكثر فأكثر، قلقه وخوفه يكبران، ويردد الصدى أقواله. فجأة يظهر القاتل أمامه، هزيلاً، غير حليق، يرتدي معطفاً بالياً من الجبردين، أعور، لكن عينه الوحيدة لها بريق الفولاذ.. يضحك بيرانجيه ضحكات عصبية:

- [..] أوه، إنك نحيف هزيل، هزيل بحيث لا تكون قاتلاً، يا صديقي البائس! أنت لا تخيفني! انظرْ إليّ، انظره كم أنا أقوى منك.

يهز القاتل كتفيه دون جواب، يتكلم بيرانجيه وحده، يطلب من القاتل أن يشرح موقفه، يحاول أن يتخيل، أين توقع دوافعه، يحاول أن يفهمه، أن يبرر مسلكه: هل أنت متشائم؟.. عدمي؟.. فوضوي؟ ويتساءل هل قتل ضابطاً لأنه يكره العسكر؟ هل قتل نساء لأنه عدو المرأة ولأنه عانى من نزواتها؟ هل قتل الأطفال لأنهم يمثّلون الإنسانية في أنقى صورها؟ ربما قتل من باب الطيبة ليريح الناس من العذاب، لكي يشفيهم من تسلط فكرة الموت؟ القاتل يضحك، ويصمت.. يحاول بيرانجيه ثنيه عن طريق القتل فيحدثه عن الحب والأخوّة، يعرض عليه صداقته، يعرض عليه مركزاً اجتماعياً مرموقاً، يعرض عليه ثروات، يعده بشهداء يموتون من أجله، يتوسل، يهدد، يشتم، يخرج مسدساً من جيبه، لكن ماذا تفعل الرصاصات مع الكراهية والقسوة! يجثو بيرانجيه ويتمتم: يا إلهي، لا يمكن أن نصنع شيئاً!.. ماذا يمكن أن نصنع.. ماذا يمكن أن نصنع.. بينما يقترب القاتل، مقهقهاً، شاهراً سكينه الضخمة.

/ 131