الماشي في الهواء هي أيضاً مسرحية عن الأدب. يحدّد يونسكو فيها أن للإبداع معارضة دائمة. لا يستطيع الكاتب قبول العالم كما هو، وكما يسير، لا يستطيع قبول النظام القائم ولا قبول معنى التاريخ. انتصار أية ايديولوجية يبرز ثغراتها، والجرأة الفكرية تكمن في الجهد المبذول لإعادة طرح قضية العالم وقضية الذات: “هل سأستطيع تجديد نفسي؟ مبدئياً نعم، مبدئياً نعم، إذ أنني لا أوافق على سير الأحداث. لهذا السبب ليس للكاتب رسالة واضحة محدّدة، كما يقول بيرانجيه، إذ أن إيصال الرسالة يعني تكريس الوضع الراهن وإدانة الماضي والتهليل للحاضر، وهذه امتثالية تتقيد بالأعراف المقررة فالمقاهي وإدارات التحرير تعج بمتأدبين متنورين أوجدوا حلولاً لكل مسألة. إنهم يتبعون الموضة الدارجة. لا شيء أسهل من الرسالة الاوتوماتيكية... لايعرف الكاتب مسبقاً ماذا سيكشف: آمل أن يكون ما وراء رسالتي الظاهرة شيء آخر، شيء لا أعرفه بعد، لكن ربما سينكشف... من تلقاء نفسه... في الخيال... الأدب إذن هو عدم رضى- الحقيقة موجودة في نوع من العصاب واستقصاء فيما وراء الظواهر. يتساءل بيرانجيه: ما العمل لكي يكون الأدب استقصاء نافعاً؟ تجيب المسرحية إذ تضع البحث على مستوى الحلم وفوق الواقع. مرّة أخرى أيضاً يوحّد يونسكو في فنه ما بين النظرية والتطبيق.