مسرح العنف - یوجین یونسکو نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

یوجین یونسکو - نسخه متنی

کلود ابستادو ؛ مترجم: قیـس خضور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مسرح العنف

اللغة نظام للإتصال لكنها أيضاً طريقة للبحث ووسيلة للتعبير عن الواقع. الفلسفة والعلوم والرسم والموسيقى والأدب، هي لغات مختلفة وكل واحدة منها تكشف الواقع أو تؤسسه.

ليس من مهمات الأدب إذن إبراز فكرة مجرّدة مسبقة. الكاتب لا يشرح ولا يعلّم، إنه يبحث، ومن خلال تساؤلاته تنبثق حقيقة جديدة توضّحها اللغة. لكن في الوقت نفسه، يطرح الكاتب للمناقشة النظام الذي يستخدمه. ومثلما يتأمل الفيلسوف في الفلسفة، ومثلما ينتقد العالم تصوّراته العلمية، يفكر الفنان في فنه والكاتب في كتابته.

تمثّل الكتابة، في الوقت نفسه، استكشاف المحسوس والتعبير عنه، وطرح الأشكال الأدبية على بساط البحث من جديد. لكي يخلق الكاتب العالمَ المنسجم مع رؤيته فإنه يبحث عن أشكال جديدة. الخمرة الجديدة لاتوضع في دنان عتيقة، وهكذا فإن صيرورة الأدب تتميز بتدمير الأشكال الجامدة المتحجّرة المرتبطة بمناهج بالية مهجورة وهذا التدمير يقود إلى تطوير أشكال قادرة على التعبير كل مرّة عن رؤية جديدة للواقع.

لاتشذّ أعمال يونسكو عن هذه القاعدة وهنا تكمن أصالته وقيمته.

التحليل التطوري اللغوي للمسرح يكشف هذه الحركة المزدوجة، السلبية، والإيجابية: رفض القواعد والأشكال التقليدية، تأكيد رؤية شخصية جديدة للعالم من خلال لغة جديدة وتقنية أصيلة مبتكرة.

لقد ولدتُ منذ زمن ليس بالقصير...

ولم أتوصل بعد إلى فهم ما حصل لي،

وقد بقي لي قليل من الوقت لأفهم مالم أفهمه حتى الآن. وأعتقد أنني لن أبلغ ذلك المسعى (يوميات في فتات).

1- من التجربة الحيّة إلى دنيا الوهم.

يعبّر العالم الخيالي للكاتب عن وجوده في العالم. الصور والوجوه التي تصدر عن الأحلام تنقل حالات عاطفية. في مسرح يونسكو، تسمح الثوابت، والإعادات، والعلاقات المتبادلة بتحديد هذا العالم الوهمي. تجسّد الشخصيات، تحت مختلف الأقنعة، بعض الوجوه الأسطورية وتشكّل الصور حزمة من الخطط وتألفاً لمنظر داخلي؛ كما يكشف بينة الحوارات وثوابت النحو حيوية الفكر؛ وتعترف الديكورات والإكسسوارات بوجود تصورات خادعة من أحلام وهلوسات: العناصر الدرامية كلها تُوضع في خدمة بحث الكاتب واستكشافه لخفايا النفس البشرية كل مسرحية إذن هي تحليل ذاتي.

حالتان أساسيتان من الوعي تشكلان أساس جميع مسرحياتي: أحياناً تتفوق حالة على الأخرى، وتارة تمتزجان. هاتان الحالتان الأصليتان من الوعي هما حالتا الخفّة والثقالة؛ الفراغ والحضور الزائد، الشفافية غير الواقعية للعالم وقتامته، النور والظلمات الكثيفة. عالم يونسكو الخيالي يعبر إذن عن مسلّمة وجودية مزدوجة: الألم من الوجود والدهشة من الوجود. إنه عالم مرعب ورائع في آن معاً.

عالــــم مخيـــــف.

إننا نعيش كابوساً مخيفاً كما قال بيرانجيه للصحفي في مسرحية الماشي في الهواء ولكي يكون الأدب على مستوى الحياة يجب أن يكون ألف مرّة أشد هولاً وأكثر شراسة. إدراك مرور الزمن وتسلّط فكرة الموت وحدس السقوط والخطأ تجعل من الحياة في العالم جحيماً. في داخلي يوجد الجحيم. يضفي هذا الإنطباع ملامح الكابوس على مسرح يونسكو.

مشاهد من الجحيم.

غالباً ما يكون الجو المسرحي الديكور مكاناً مغلقاً: فخّاً أو سجناً، الشخصيات محاصرة فيه. العجوزان في مسرحية الكراسي في برجهما على الجزيرة، اميديه في شقته الموصدة الأبواب دوماً، المستأجر الجديد وسط أثاثه، جان في البيت الذي يغوص أو في النزل المريح. مكان مغلق، قبر. الخوف يطفو ويبرز. قالت ماري-مادلين:يظن أن هذا البيت قبر، لماذا يضع نفسه في مثل هذه الحالة؟ كل البيوت قبور. من ديكور إلى آخر نجد الجدران التي تعشعش في أحلام يونسكو والتي تحدّث عنها في اليوميات: جدار من الوحدة، جدار من الكآبة، جدار من البكاء، جدار يمنع معرفة المكان، معرفة الآخرين، معرفة الإنسان لنفسه، جدار يثور المرء عليه، يضربه بقبضته، ينطحه برأسه، لكن دون جدوى.

كلما ابتعد المرء كلما غاص أكثر كما كانت تقول ماري، صاحبة المزرعة في لاشابيل انتونيز. عالم يونسكو هوعالم التقهقر والانزلاق إلى الأعماق: في غرفة جاك كما في قصر بيرانجيه يتداعى كل شيء: الأثاث الأعرج، السلالم المتخلخلة، الجدران المتداعية. كل شيء ينهار. الشقوق والصدوع تنتشر في كل مكان، فراغات في الذاكرة، هاويات في الزمن، حُفر هائلة تبتلع مملكة الملك العجوز. شوارع كاملة، مدن كاملة، حضارات كاملة تمّ ابتلاعها.

هذا الغوص إلى الأعماق يمثّل بالنسبة للشخصيات نزولاً إلى الجحيم. لقد استحال جاك بعد امتثاله لرغباته إلى معيار ونموذج. شوبير يغوص، ينزل درجة درجة عائداً إلى ماضيه، بيرانجيه يركع تحت سكين القاتل، جان يتوارى خلف الزهد وإنكار الذات. لقد وجد المنهج الأخلاقي أو النفسي تجسيداً له في اللعبة المسرحية: صور حركية، قليلة حقاً، لكنها معبّرة، تترجم الخطأ والذنب، والسقوط والندم.

وراء المكان المسرحي، وراء بوابة السجن والنوافذ الدائرية الصغيرة في البرج، أو الشقوق في القصر، ماهي أشكال وألوان العالم؟ في ذكريات شوبير أو جاك، في أحلام اميديه ومادلين وجوزفين، في وصف ماوراء العالم، تسيطر صور الغروب، صور الليل الذي تملؤه البروق والحرائق، خليط من جليد ونار: أشواك من نار! نيران مدببة، نيران من جليد.... إنهم يغرزون دبابيس من نار في لحمي. في مسرحية الملك يموت الأحواض تتوهج وفي قاتل بلا أجر هناك أزهار من نار، أشجار مشتعلة؛ رأيت قارات كاملة، جنات من نار كما قال الماشي في الهواء. منذ مسرحية المغنية الصلعاء يظهر رجل الإطفاء، وتعلن مدام سميث رجل الإطفاء هو كاهن يستمع إلى الاعتراف أيضاً.

في نور شمس سوداء ينبثق منظر جامد: هضبة جرداء تحيطها الجبال العارية مثل الأسوار؛ دروب وعرة ملأى بالحجارة السير فيها عذاب أليم: أتشبّث بالصخور، أنزلق، أتعلّق بالأشواك، أزحف على أربع... آه! لا أحتمل المرتفعات... لماذا يتحتم عليّ أن أتسلّق الجبال باستمرار؟. في مكان آخر هناك بحيرة شاطئية أسنت مياهها وامتلأت بوحل المستنقعات العفن. وفي مكان آخر أيضاً الأرض تنشقّ... الجبال تميد، محيطات من الدم... من الطين. من الدم. من الطين.... في كل مكان نجد الأشواك والنباتات الملتفّة والأغصان التي تجرح الوجه. ذئاب، ضفادع، أفاعي، بنادق، رشاشات، حراب وسكاكين، عصافير ميتة، أطفال موتى، أرتال من المعذبين والشهداء، رجال ذوو وجوه مرعبة ورؤوس أوزّ وكركدن. من مسرحية إلى أخرى، تجد هذه المواضيع الملّحة، وهي السند الخيالي لذلك الطابع المخيف للعالم.

/ 131