تطرح مسرحية كيف نتخلص منها مسألة الزوجين أيضاً. تشهد بطريقة أوضح مما رأينا في ضحايا الواجب العلاقات بين الزوجين وتكرار الخيبة والفشل. ليس هناك شخصية ثالثة لتقوم بالبحث والتنقيب، الجثة هي لغز الزوجين. خلال مناقشاتهما، تساءل اميديه ومادلين عن هوية الميت؛ فالمشهد يسخر إذن من العقدة البوليسية، لكن المشهد الذي يجمع اميديه الثاني ومادلين الثانية ينقل تلك التساؤلات ويقدم إجابة أساسية: المونولوجان المتقاطعان في هذا المشهد يرسمان مواقف الزوجين، مواقف متصارعة وسلسلة من عُقد. إننا نشهد الفترة الأولى من زواجهما فهي بالنسبة لاميديه فجر العالم؛ فهو لا يرى ولا يسمع - أنت أعمى.. أنت أطرش!.. أما بالنسبة لمادلين فهي الفشل. أي صوت حاد! لقد ثقبت أذني! إنك تؤؤْؤْلمني! لا تمزّق حجب ظلماتي! ساااادي! ساااا دي!. هناك لحظات أخرى تطغى عليها صورة طفل ينكره أهله أو ينتظرونه عبثاً لا تقتلني.. الرحمة، أتوسّل إليك.. لا تقتله، لا تقتلهم.. اشفقْ على الأطفال!... تؤكد هذه الصور أن الجثة هي ولاشك المرأة التي تركها اميديه تغرق ولم يساعدها لأنه كان منشغلاً بسعادته باكتشافه الحب والعالم. الجثة هي أيضاً الطفل الذي لم يرغب به أو لم يحافظا عليه فمات دون أن يدركا ذلك، إنها أخيراً عشيق مادلين، صورة الرجل الذي ملأ أحلامهما الماضية وقد قتله اميديه أو ربما هي التي قتلته، كيف نعرف؟ الجثة، إجمالاً، هي جميع أشكال الفشل التي عرفها الزوجان، هي الأنانية والرفض والحب المستحيل والوحدة للاثنين معاً. هذا ما أدركه اميديه بشكل غامض، أما وقد تلاشت الهلوسات سريعاً، ها هو يقف، يقترب من مادلين يقول لها إن الحب مازال قادراً على إنقاذ كل شيء. لكن مادلين ما عادت تؤمن بالعواطف لأن الهموم والمسؤوليات استهلكتها. - لا تردد هذه السخافات، ليس الحب هو الذي سيخلصنا من هذه الجثة، ولا الكره أيضاً، إنها ليست مسألة عواطف [..] سخافات! ليس الحب بقادر على تخليص الناس من هموم الحياة(1). التساؤل الذي يطرحه العنوان كيف يتخلص منها؟ جوابه في حلم اميديه. المرء لا يتخلص من ماضيه، فالماضي، أكان من رصاص أو ظلمة أو وحل يربط الفرد بوجوده، الماضي يشدّ ويقيّد؛ حتى النبات المتسلق هو رباط أيضاً، ولهذا السبب نرى اميديه، في لحظة الوعي، يتردد في الانفصال عن الجثة لأنها الشاهد الأخرس على ماضيه كله. لم تفهم مادلين، فهل لهذا السبب مضى اميديه مع الجثة - بلا رجوع؟ إنها مأساة الرجل والمرأة اللذين لا يعرفان كيف يحبان بعضهما ولا يستطيعان أن يتبادلا الحب. إنها مأساة الإنسانية التي يبحث نصفاها، وقد انفصلا، كل منهما عن الآخر ليشكّلا كائناً واحداً لكن دون جدوى. اميديه ومادلين، في رأي يونسكو، هي آدم وحواء، أما الجثة فهي الخطيئة الأصلية(1).