2-الكاتب المسرحي - یوجین یونسکو نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

یوجین یونسکو - نسخه متنی

کلود ابستادو ؛ مترجم: قیـس خضور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

2-الكاتب المسرحي

تجربة مسرحية مزدوجة

إذا كانت علاقات يونسكو مع الأوساط الأدبية قد فترت عام 1948 فإنه لم يفقد اتصاله بالآداب والفنون، بالشعر والنقد والرسم والموسيقى والسينما. استمر في الكتابة وقد سيطر عليه شيطان الأدب، وهذا ما تشهد به يومياته، لكنه لا يحب المسرح.

لم يكن لديه أي ميل للكتابة المسرحية - كما يدّعي. - قرّر ذات يوم أن يتعلم اللغة الانكليزية ليكمل ثقافته، وكانت النتيجة غير متوقّعة: لكي أتعلّم اللغة الانكليزية، اشتريت إذن، منذ تسع أو عشر سنوات، كتاباً يحوي حوارات في اللغتين الانكليزية والفرنسية للمبتدئين. بدأتُ الدراسة، ولكي أحفظ مجموعة جمل عن ظهر قلب رحت أنسخها بوعي عن كتابي، عندما أعدت قراءتها بانتباه، لم أتعلم اللغة الانكليزية، بل اكتشفت حقائق مدهشة: اكتشفت أن الأسبوع سبعة أيام وهذا ما كنت أعرفه من قبل: واكتشفت أن السقف في الأعلى والأرضية في الأسفل وهذا أمر كنت أعرفه أيضاً لكنني لم أفكّر فيه جديّاً من قبل، أو أنني كنت قد نسيته، لكنه بدا لي، فجأة، لا يقلّ إثارة عن أية حقيقة غير قابلة للنقاش [..] ولدهشتي الكبيرة فإن مدام سميث أعلمت زوجها: أن لهم عدّة أولاد وأنهم يسكنون في ضواحي لندن وأن اسمهم هو سميث، وأن السيد سميث كان موظفاً في مكتب، وأن لديهم خادمة اسمها ماري، وهي انكليزية أيضاً، وأن لهم أصدقاء منذ عشرين سنة هم آل مارتن، وأن بيتهم عبارة عن قصر لأن بيت الرجل الانكليزي هو قصره الحقيقي. كنت أقول في نفسي إن السيد سميث مطلّع إلى حّد ما على ذلك كله، لكن هل ذلك مؤكد؟ هناك أناس غافلون تماماً(1).

قرر يونسكو أن ينقل إلى معاصريه تلك الحقائق الأساسية التي اكتشفها من جديد. راح يرتّب الجمل الموجودة في كتابه جملة بعد أخرى، وينقل بتواضع المعرفة التي اكتسبها: أحاديث تربوية بشكل خاص! يروي يونسكو قائلاً: مع ذلك، حصلت ظاهرة غريبة ولا أدري كيف: كان النص يتحوّل تحت نظري، بشكل غير محسوس، ضد إرادتي، كانت الجمل البسيطة الواضحة التي نسختها على دفتري بجدّ وحماس، تتصفّى بعد مدة من الزمن، وتتحرك من تلقاء نفسها، وتتعفن، وتغيّر طبيعتها [..] واحسرتاه، فالحقائق الأولية الصحيحة التي يتبادلها الأفراد، المرتبطة بعضها ببعض، غدت جنوناً، وفقدت اللغة انسجامها، والشخصيات خسرت وحدتها..(1) أطلق يونسكو على المسرحية التي كتبها بتلك الطريقة المغنية الصلعاء لأن المسرحية لا تحوي أية مغنية صلعاء أو غزيرة الشعر(2).

تلك هي الأسطورة - وهي ثمرة خيال مسرحي بحت- التي نُسجت حول بدايات يونسكو المسرحية، أسطورة يلجأ إليها هو نفسه بأسلوب فكاهي، أما الحقيقة فإن مسرحية المغنية الصلعاء لم تكن حادثاً. لقد جرّب يونسكو، وهو المسرحي بالفطرة، المسرحي وهوصغير جداً. لقد وجد في الحوار الشكل التعبيري الذي يوافق صراعاته الداخلية ويسمح له بترجمة تناقضات حياته وتجاربه: المسرح موجود في داخله، في عقله، في طريقته لرؤية العالم: إذا كنت قد كتبت للمسرح ولم أكتب رواية أو دراسة فذلك لأن الدراسة والرواية تفترضان وجود فكر منسجم متماسك، بنيما يمكن للفوضى والتناقضات أن تجد طريقاً سالكاً في المسرحية(4).

من ناحية أخرى، إذا كان كتاب لتعلّم اللغة الانكليزية قد أحدث ذلك الالهام فذلك لأن يونسكو لا يستخدم ببساطة الكلمات كأدوات، بل يحب الكلمات لذاتها، ليروّضها، ويفتتن بها بعد ذلك. إنه كاتب. ظروف حياته أيضاً، تعلمه للغة ثانية في وقت متأخر، ازدواجية اللغة المتأخرة، وتدريس اللغة الفرنسية - دفعته للتساؤل عن العلاقات الكامنة بين الكلمات والأشياء، وعن الروابط بين الفكر واللغة، ومسائل الترجمة: وصلت إلى بوخارست وأنا في الثالثة عشرة من عمري، ولم أغادرها قبل السادسة والعشرين تعلّمت اللغة الرومانية هناك، في الرابعة عشرة والخامسة عشرة كانت علاماتي رديئة في مادة اللغة الرومانية وعندما بلغت السابعةعشرة أو الثامنة عشرة صارت علاماتي جيدة. تعلمت الكتابة، وكتبت أشعاري الأولى باللغة الرومانية، لم أكن أكتب باللغة الفرنسية بنفس الجودة، كنت أرتكب بعض الأخطاء، وعندما رجعت إلى فرنسا، كنت أعرف اللغة الفرنسية لكنني لا أستطيع الكتابة بها، أقصد الكتابة الأدبية فاضطررت للتعوّد عليها من جديد، التعلّم، نسيان التعلّم، التعلّم من جديد أعتقدأنها تمارين نافعة(1). التلاعب، بالألفاظ في المغنية الصلعاء هو إذن ثمرة تفكير لغوي خاص، إنها لعبة كان يمارسها منذ زمن بعيد، من أجل المتعة، في يومياته.

قُدّمت المغنية الصلعاء أولاً إلى الكوميدي فرانسيز لكنها رُفضت، ثم إلى فرقة رينو - بارو فأخرجها نيكولا باتاي في أزياء وديكورات مستعارة على مسرح نوكتامبول، وقُدّمت لأول مرة في 11 آذار 1950. عُرضت المسرحية آخر النهار، حوالي الساعة السادسة، بينما كانت تُعرض مسرحية بريخت الاستثناء والقاعدة لأول مرة في فرنسا، وكذلك مسرحية كافكا الوحيدة حارس المقبرة (لهذا اللقاء بعد عشرين عاماً قيمة رمزية). انتهت المغنية الصلعاء دون أن يلحظها أحد اللهم إلاّ بعض النقاد - جاك لومارشان، رونيه سوريل، جوستاف جولي، جان بولان رمان سالاكرو - الذين أدركوا مغزى هجوم يونسكو، ثم أُعيد عرض المسرحية على مسرح لاهوشيت أعوام 1951، 1952، 1956، ومنذ انضمت إلى ذلك التاريخ اتحدت مع مسرحية الدرس واحتلت لوحة الإعلانات فقُدّمت أكثر من 4500 مرة وهذا رقم قياسي لم يبلغه أحد.

كانت البروفات والعروض المسرحية بالنسبة ليونسكو نوعاً من الكشف والتجلي لقد بهرته رؤية تصوراته تتحقق، والشخصيات التي حلم بها تمتلئ بالحياة. لقد بدا له الأمر شيطانياً. لقد اكتشف ما لديه مما يقال وكيف يقال.

في الفترة نفسها، وبمساعدة نيكولا باتاي، أغنى يونسكو خبرته المسرحية إذ جرّب التمثيل. على مسرح الاوفر، وفي مسرحية اقتبسها كاكيا فيالا عن كتاب الممسوسون لدستوفسكي، قدّم يونسكو شخصية ستيبان تروفيموفتش. تجربة التمثيل هي امتلاك لشخصيته الذاتية وفقدانها أيضاً معاً بكل وضوح. كانت تأدية الدور، بالنسبة ليونسكو، إثباتاً بأنه يأخذ شخصية أخرى على عاتقه، بينما يعاني المرء كثيراً لكي يحتمل شخصيته الذاتية، وعليه أن يفهم هذه الحالة بمساعدة المخرج بينما لا يفهم المرء نفسه(1).

لكن هذا التدريب، وهذا الخلق المستمر سمحا للكاتب المسرحي أن يدرك بشكل ملموس أن المسرحية ليست النص المكتوب فقط، بل هي لعبة جماعية كاملة.

من مسارح الأقبية إلى الصالات الذهبية

/ 131