مرحلة الرشد - یوجین یونسکو نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

یوجین یونسکو - نسخه متنی

کلود ابستادو ؛ مترجم: قیـس خضور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مرحلة الرشد

بينما كان يونسكو يتابع دراسته، بدأ، والأصحّ أن نقول: تابع الكتابة مغيّراً في أشكال التعبير. نشر عام 1931 قصيدة مراثي موجهة لكائنات صغيرة استهلم فيها الشعر الرمزي، كما ألّف رواية، لكنه أدان بلا شفقة، فيما بعد، هذه المحاولات: أشعاري رديئة تدعو للرثاء، فيها تجسيم بدائي متخلف: أزهار باكية نازفة تحلم بالبراري والربيع وبما لا أدري. كنت آنذاك في السابعة عشرة فنلت شفاعة ماترلنك وفرانيسيس جام [..] ثم حاولت كتابة رواية. حدث ذلك منذ زمن بعيد - ماذا كان موضوع روايتك؟ - أنا بالطبع (1). نشر مقالاته في مجلات عديدة: زودياك، أزي، فلورادي فوك، فياتا ليتيرارا، رومانيا لتيرارا، فاكلا، يونيفرسال ليتيرار.. لقد واجه الادعاء العلمي لدى مدرّسي الجامعة بالتصور النقدي عند بندتوكروتشه، إضافة إلى التأكيد على روح الأصالة وإطلاق العنان للتأمل في الفكر الجمالي المتميز كل التميز عن الفكر المنطقي.

عام 1934 أثار موجة عارمة من ردود الفعل في الأوساط الأدبية الرومانية إذ نشر مجموعة من المقالات النقدية هاجم فيها كتّاباً مشهورين - اغنيزي، باربو، بترشكو، واتهمهم بفقدان الأصالة وبالنزعة الاقليمية الضيقة، وبعد عدة أسابيع نشر مجموعة مقالات أخرى رفعهم في مديحه إلى السماء. بعد ذلك، لم ينظر أحد إليّ على أنني ناقد جاد..(2) لكي يبرر يونسكو مسلكه كتب دراسة بعنوان لا حول تطابق الأضداد وتجاوز الاختلافات ومن المفيد أن نكتشف في هذه البواكير اليونسكية الأفكار الأساسية للمسرح المقبل، ولكتابة ملاحظات وملاحظات مضادة.

كان الوضع السياسي في رومانيا يدعو للقلق: بعد عام 1933، شجّعت ألمانيا حركة الحرس الحديدي الفاشية، وترسخت في الجامعة الايديولوجية النازية التي أغمدت العنف والعنصرية في الجامعة، متنكرة تحت شعارات مذهب نيتشه والتيارات المتفرعة عنه. رفض يونسكو ذلك الاغراء، وقاوم ذلك التيار. قبل أن أتمكن من إيجاد الأجوبة، وقبل أن أعرف أسباب رفضي، كنت أعاند تلقائياً كل شيء، بلا برهان، ودون حجّة إلا تلك الحجّة الخرساء العميقة النابعة من القلب.(1) لكن الأساتذة والرفاق مارسوا ضغطاً معنوياً هائلاً، وكان لهم تأثير يصعب تجنبه: كنت أشعر أكثر فأكثر أنني وحيد. كنا مجموعة من الشبان لم نقبل تلك الشعارات والايديولوجيات التي تحاصرنا. كان من الصعب جداً أن نقاوم، ليس فقط في مجال العمل السياسي، بل في أبسط مجالات المقاومة الأخلاقية أو الفكرية، حتى لو كانت تلك المقاومة صامتة، لأنه عندما تكون في سن العشرين، وهناك أساتذة يقدّمون لك نظريات ودراسات علمية أو شبه علمية، وهناك الجرائد، والجو العام، والمذاهب، أي هناك حركة كاملة ضدك، يكون من الصعب حقاً أن تقاوم،أي أن لا تميل إلى الاقتناع.(2) كان أي حوار يغدو مستحيلاً، وكل مقاومة خطيرة، فانطوى يونسكو على نفسه وكرّس وقته لـ يومياته يكتب، كما يقول، عشرات الصفحات بل دفاتر كاملة، يحلّل ويدرس خلافاته مع زملائه وأصدقائه القدامى الذين انتسبوا إلى منظمة الحرس الحديدي، ولكي يواجه دعاية طاغية بقناعاته الداخلية نجده يتبنى هذا الموقف في مسرحية الكركدن.

في هذا الليل الأوربي الدامس لمع بريق من نور. عام 1936 تزوج روديكا بورلينانو، طالبة الفلسفة. عندما أخبرتُ والدتي أنني سأتزوج ذهبت إلى خطيبتي، وعندما فتحت لها الباب نظرت إليها والدتي برهة، رغم أنها كانت تعرفها جيداً منذ زمن طويل، كما لو أن التي أمامها امرأة أخرى: كانت تنظر إليها بعينين مختلفتين [..] إنها الأميرة التي ستكون وريثتها وستصبح عمّا قريب ملكة وتحتلّ مكانها. بما أن زوجتي المقبلة ردّت على نظرات أمي، فقد اغرورقت عيناها بالدموع لكنها سيطرت على انفعالاتها وراحت شفتاها ترتجفان وتعبّران عن شيء لا يقال. لا أدري إلى أي مدى كانتا تدركان ما تقولانه دون كلام. كان حواراً صامتاً ونوعاً من الطقوس القصيرة تعيدان اكتشافها، بصورة عفوية كما لو أنها انتقلت إليهما من قرون.. كان نوعاً من انتقال السلطة [..] لم تدم تلك الشكليات سوى لحظات، لكن كان من الضروري أن تتم حسب الأصول؛ حسب قانون قديم جداً ولأنها كانت سراً غامضاً لقد وافقت زوجتي ولعبت تلك اللعبة المقدسة وأذعنت لإرادة، لقوّة تفوّقت عليهما، وربطت بيننا إلى الأبد [..] توفيت والدتي بعد ثلاثة أشهر من زواجي، كنت أحبها حباً هائلاً(1).

اشتغل يونسكو مدرّساً للغة الفرنسية في ثانوية شعانتول سافا الوطنية في بوخارست، وفي عام 1938 حصل على منحة الحكومة الرومانية للذهاب إلى باريس وإعداد دراسة حول فكرة الخطيئة والموت في الشعر الفرنسي منذ بودلير. بقيت الدراسة في مرحلة التخطيط لكن يونسكو أدّى التزاماته: لقد كتب مسرحاً كاملاً حول هذين الموضوعين.

امتزج الفرح برؤية فرنسا بعد ثلاث عشرة سنة بالقلق من تصاعد الأخطار. أمّا وقد خرج من كابوس فقد رأى الناس حوله يناقشون الموقف برضى ويتيهون في أحاديث تافهة.

ربيع عام 1939 قام يونسكو بزيارة لاشابيل - أنتونيز فوجد بقايا الذكريات على قيد الحياة. لكن فرحه لم يكتمل إذ امتزج فيه حنين عميق جارح ورغبة مجهولة للأشياء التي فقدها إلى الأبد: الماضي يغرق في النسيان، وعلى الحاضر يهيمن شبح الحرب هل هو احتضار أوربا؟ أخاف أن تكون هذه نهاية كل شيء. الموت هو النهاية، هو الحاضر المحدّد. في السفينة التي تغرق كنت أعيش وخوفي يتزايد أضعافاً مضاعفة(2).

عالم ينهار، بولونيا تُسحق يا للحرب السخيفة هزيمة فاستسلام. حرب خاطفة على أوربا، ليل وضباب Nachtund Nebel. سافر يونسكو وزوجته إلى رومانيا فوجدا بلداً ممزّقاً بين هنغايا وبلغاريا وروسيا، بلداً تفترسه النازية الكاسحة. ما العمل في هذه الفوضى، مع غياب العقل والقيم الحضارية، عندما يكون الوجود الشخصي مهدداً كل لحظة؟ العودة إلى فرنسة هي هدفي الوحيد، والهدف صعب المنال. لم يكن الانتقال والسفر على درجة من السهولة في أوربة التي تجتاحها الحرب، محاولة الحصول على جواز سفر، وإجازة مرور، وتأشيرة دخول، كانت تعني الدخول إلى عالم كافكا. مُنحت التأشيرات، ثم رفُضت، وأُلغيت، وتعاد المحاولة عشرين مرّة. أخيراً تمكّن يونسكو من الهرب لكنه ببساطة غيّر السجن لا أكثر. وفي فرنسا تحتّم عليه البقاء. كنا نفتقد المال تماماً وبجانبي رزمة ضخمة من المغلفات كان عليّ أن أضع فيها نشرات توضيحية وعلى المغلفات أسجّل عناوين. لقد بدأت أعيش من قلمي(1). بعد ذلك اشتغل يونسكو مصحّحاً في دار نشر كما أن زوجته وجدت عملاً. في عام 26 آب 1944، ولدت طفلتهما ماري - فرانس.

/ 131