و إن كان له أم وجد أبو الاب و هما موسر ان فالنفقة على الجد لان له ولادة و تعصيبا فقدم على الام كالأَب ، و ان كانت له بنت و ابن بنت ففيه قولان ( أحدهما ) أن النفقة على البنت لانها أقرب ( و الثاني ) أنها على ابن البنت لانه أقوى و أقدر على النفقة بالذكورية ، و إن كانت له بنت و ابن ابن فالنفقة على ابن الابن ، لان له ولادة و تعصيبا ، فقدم كما قدم الجد على الام .و ان كان له أم و بنت كانت النفقة على البنت ، لان للبنت تعصيبا و ليس للام تعصيب ، و ان كان له أم أم و أبو أم فهما سواء ، لانهما يتساويان في القرب و عدم التعصيب ، و إن كان له أم أم وأم أب ففيه وجهان ( أحدهما ) أنهما سواء لتساويهما في الدرجة ( و الثاني ) أن النفقة على أم الاب لانها تدلي بالعصبة ( الشرح ) حديث عائشة أن هندا بنت عتبة ألخ أخرجه البخارى في النفقات عن محمد بن مقاتل و عن محمد بن يوسف ، و في الايمان و النذور عن يحيى بن بكير و في الاحكام عن محمد بن كثير ، و في المظالم عن أبى اليمان ، و في البيوع عن أبى نعيم و في صحيح مسلم في الاحكام عن على بن حجر و عن عبد بن حميد ، و في الاقضية عن زهير بن حرب ، و أخرجه أبو داود في البيوع عن خشيش بن أصرم و عن أحمد بن يونس .و أخرجه النسائي في القضاء عن إسحاق بن إبراهيم و ابن ماجه في التجارات عن أبى بكر و على بن محمد و أبى عمر الضرير أما الاحكام فإن كان هناك قريب يستحق النفقة و اجتمع قريبان موسر ان كانت نفقته عليهما أو على الاقرب منهما على ما سنوضحه ، فإن كان هناك ولد صغير فقير و له أبوان موسر ان كانت نفقته على الاب لقوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) فجعل أجرة الرضاع على الاب ، و لقوله صلى الله عليه و سلم لهند إمرأة أبى سفيان " خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف " و لانهما تساويا في الولادة و انفرد الاب بالتعصيب فقدم على الام ، فإن اجتمع الاب و الجد و هما موسر ان و اجتمعت الام و أمها أو الام وأم الاب و هما موسرتان قدم الاب على الجد ، و قدمت الام على أمها وأم الاب لانها أقرب .
(302)
و إن اجتمعت الام و الجد أبو الاب و هما موسر ان كانت النفقة على الجد دون الام ، و به قال أبو يوسف و محمد و قال أبو حنيفة : ينفقان عليه على قدر ميراثهما ، فيكون على الام ثلث النفقة و على الجد الثلثان .دليلنا أنه اجتمع عصبة مع ذات رحم بنفق كل واحد منهما على الانفراد ، فقدم العصبة كالأَب إذا اجتمع مع الام ، فإن اجتمع الجد أبو الاب و إن علا مع الجد أبى الام و هما موسر ان و حيث النفقة على الجد أبى الاب ، لان الجد يقدم على الام ، فلان يقدم على أبى الام أولى .و ان اجمتعت أم الام و أبو الام و هما موسر ان كانت النفقة عليهما نصفين لانهما متساويان في الدرجة و لا مزية لاحدهما على الآخر في التعصيب فاستويا في الانفاق .و إن اجتمعت أم الام وأم الاب و هما موسرتان ففيه وجهان ( أحدهما ) تجب النفقة عليهما نصفين و هو الاصح لانهما مستويتان في الدرجة و لا مزية لاحداهما على الاخرى بالتعصيب ( و الثاني ) تجب النفقة على أم الاب لانها تدلي بعصبه ، و لان الاب لو اجمتع هو و الام لقدم الاب في إيجاب النفقة فقدم من يدلى بها على من يدلى بها و هكذا الوجهان إذا اجتمعت أم الاب و أبو الام ، فإن اجتمعت الام وأم الاب و هما موسرتان ، قال الشيخ أبو حامد - فإن قلنا - إن أم الام وأم الاب إذا اجتمعتا - تقدم أم الاب لانها تدلي بعصبة قدمت ههنا أم الاب على الام لانها كالعصبة ، و إن قلنا هناك : إنهما سواء ، قدمت الام على أم الاب لانها أقرب منها .( فرع ) و إن كان الرجل فقيرا زمنا و له أب و ابن موسر ان ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) تجب نفقته على الاب لان وجوب النفقة على الاب منصوص عليها في القرآن ، و وجوب النفقة على الابن مجتهد فيها ( و الثاني ) أن نفقته على الابن لانه أقوى تعصيبا من الاب ( و الثالث ) تجب نفقته عليهما لانهما متساويان بالدرجة منه و التعصيب .فإذا قلنا بهذا فهل يجب عليهما نصفين أو تعتبر بميراثهما منه ؟ فيه وجهان .قال العمراني " الاصح أنهما عليهما نصفان "
(303)
و ان اجتمع ابن وجد فمن أصحابنا من قال : هو كما لو اجتمع الابن و الاب .و منهم من قال تجب على الابن وجها واحدا لانه أقرب ، و ان كان فقيرا زمنا و له إبنان موسر ان و بنتان موسرتان وجبت نفقته بينهما نصفين ، لانه لا مزية لاحدهما على الآخر .و إن كان له ابن و ابنة موسرة فقال الماوردي ، قال أصحابنا البغداديون تجب جميع النفقة على الابن ، لانهما متساويان في الدرجة ، و للابن مزية بالتعصيب فقدم في وجوب النفقة عليه كالأَب إذا اجتمع مع الام .و قال الخراسانيون من أصحابنا تجب النفقة عليهما ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) قال المسعودي و هو الاصح تجب عليهما نصفين ، و به قال أبو حنيفة ( و الثاني ) تجب عليهما على قدر ميراثهما ، فيجب على الابن ثلثا النفقة و على الابنة ثلثها ، و به قال أحمد إذا ثبت هذا فذكر ابن الصباغ إذا كان له ابن ذكر و خنثى مشكل موسر ان فإن النفقة على الابن لان الخنثى يجوز أن تكون أنثى فلا تجب عليه النفقة .فإن بان الخنثى رجلا رجع عليه ابن بنصف ما أنفق ، لانه بان أنه كان مستحقا عليه و هذا على طريقة أصحابنا البغداديين .فأما على طريقة الخراسانيين فكم يجب على الخنثى ؟ فيه وجهان أحدهما النصف و هو الاصح ، فعلى هذا لافرق بين أن يبين أنه رجل أو إمرأة و الثاني يجب عليه بمقدار ميراثه ، فعلى هذا يجب عليه الثلث و على الذكر النصف و يبقى سدس النفقة .فإن قال أحدهما أدفع السدس لارجع به على من بان أنه عليه : جاز .و ان يدفعه أحدهما برضاه دفعاه بينهما نصفين ، فإذا حال الخنثى رجع من بان أنه مستحق عليه بما دفع منه .قال ابن الصباغ ، و ان كان له بنت و خنثى مشكل ففيه وجهان .أحدهما تجب النفقة على الخنثى لجواز ان يكون رجلا ، فإذا أنفق ثم بان أنه رجل لم يرجع على أخته بشيء ، و ان بان أنه أنثى رجعت على أختها بنصف ما أنفقت .و الثاني ان النفقة بينهما نصفان ، قال و هو الاقيس ، لانا لا نعلم كونه رجلا فإن بان أنه ذكر رجعت عليه البنت بما أنفقت ، و ان بان أنه أنثى لم ترجع عليها
(304)
أختها بشيء .و هذا على طريقة أصحابنا البغداديين .و أما على طريقة الخراسانيين فعلى أصح الوجهين تجب النفقة عليهما نصفين ، و لا يرجع الخنثى بما أنفق على أخته بشيء ، سواء بان رجلا أو إمرأة ، و على الوجه الذي يقول يجب النفقة عليهما على قدر ميراثهما يجب على كل منهما ثلث النفقة و يبقى الثلث .فإن اختار أحدهما أن ينفقه ليرجع به على من بان عليه جاز ، و ان لم يختر أحدهما دفعه دفعاه بينهما ، فيدفع كل منهما نصف النفقة ، فإن بان الخنثى إمرأة لم ترجع احداهما على الاخرى بشيء ، و إن بان رجلا رجعت عليه المرأة بثلث ما دفعت ( فرع ) و إن كان له ثلاثة أولاد : ذكر و خنثيان ، فعلى طريقة أصحابنا البغداديين تجب النفقة على الذكر ، فإن بان الخنثيان إمرأتين لم يرجع عليهما بشيء و إن بانا رجلين رجع على كل واحد منهما بثلث ما أنفق ، و إن بان أحدهما رجلا و الآخر إمرأة رجع على الرجل بنصف ما أنفق ، و على طريقة الخراسانيين تجب النفقة على الجميع ، و كيف تجب عليه .فيه وجهان أحدهما - و هو الاصح عندهم - تجب بينهم بالسوية ، فعلى هذا لا تراجع بينهم بحال .و الثاني تجب بينهم على قدر مواريثهم ، فعلى هذا يجب على الرجل ثلث النفقة ، و على كل واحد من الخنثيين خمس النفقة لان ذلك هو اليقين .قال القاضي أبو الفتوح من أصحابنا و نقله صاحب البيان : و يبقى من الفقة ربعها تفريض عليهم ، قال و هذا غلط بل تبقي من النفقة أربعة أسهم من خمسة عشر سهما .فإن قال أحدهم : أدفعها على أن أرجع بها على من بانت عطيه عنده و دفعها ، كان له الرجوع على من بانت عنده : و إن لم يرض أحدهم بدفعها قسمت عليهم أثلاثا فتقسم النفقة على خمسة و أربعين سهما فيدفع الذكر منها سبعة عشر سهما و يدفع كل خنثى ثلاثة عشر سهما .فإن بانا إمرأتين رجعا على الذكر بتمام النصف ، فترجع عليه كل واحدة منهما بسهم و ثلاثة أرباع سهم مما دفعت ، و ان بانا رجلين رجع الذكر على كل واحد منهما بسهمين و هو تمام الثلث .و إن بان أحدهما ذكرا و الآخر إمرأة رجعت المرأة على الذي بان رجلا بأربعة أسهم و رجع الذكر عليه بسهم
(305)
( فرع ) فإن كان لرجل بنت و ولدان خنثيان مشكلان فعلى طريقة أصحابنا البغداديين في النفقة وجهان .( أحدهما ) أن جميع النفقة على الخنثيين ، فإن بانا رجلين فلا رجوع لهما و إن بانا إمرأتين رجعتا كل واحدة منهما على أختها التي لم تنفق معها ثلث ما أنفقت .و إن بان أحدهما رجلا و الآخر إمرأة رجعت التي بانت إمرأة على الذي بان رجلا بجميع ما أنفقت و الوجه الثاني : أن النفقة تجب عليهم أثلاثا - فإن بانا إمرأتين فلا تراجع و إن بانا رجلين رجعت البنت بما أنفقت عليهما نصفين ، و إن بان أحدهما رجلا و الآخر إمرأة رجع المرأتان على الذي بان رجلا بجميع ما أنفقاه .و على طريقة الخراسانيين يقول العمراني في البيان و الماوردى في الحاوى و ابن الصباغ في الشامل يكون في النفقة أيضا وجهان .أحدهما - و هو الاصح عندهم - أن النفقة تجب على الجميع بالسوية .فعلى هذا لا تراجع بينهم بحال ( و الثاني ) تجب بينهم على قدر مواريثهم ، فعلى هذا تجب على البنت خمس النفقة و هي أربعة من عشرين ، و على كل واحد من الخنثيين ربع النفقة و هو خمسة من عشرين ، لان هذا هو اليقين و تبقى ستة أسهم إن دفعها أحدهم ليرجع بها على من بانت عنده جاز و الا قسمت عليهم أثلاثا ، فإن بانا إمرأتين رجع كل واحد من الخنثيين على البنت بثلث سهم .و إن بانا رجلين رجعت البنت على كل واحد منهما بسهم و إن بان أحدهما رجلا و الآخر إمرأة رجعت البنت الاصلية عليه بسهم و رجعت عليه البنت الخنثى بسهمين ، و المشهور طريقة البغداديين ( فرع ) و ان كان له بنت و ابن بنت موسر ان فحكى الشيخ المصنف هنا أن فيه قولين ، و حكاهما ابن الصباغ عن القاضي أبى حامد وجهين ( أحدهما ) تجب النفقة على البنت لانهما يستويان في عدم التعصيب و البنت أقرب فكانت أولى بالايجاب عليها .( و الثاني ) تجب على ابن البنت لانه أقدر على النفقة بالذكوريه ، و ان كان له بنت ابن و ابن بنت ففيه ثلاثة أوجه حكاها ابن الصباغ ( أحدها ) تجب النفقة على بنت الابن لانها تدلي بعصبه و قد تكون عصبه مع أختها
(306)
( و الثاني ) تجب النفقة على ابن البنت لانه أقوى على النفقة بالذكورية ( و الثالث ) تجب النفقة عليهما بالسوية لانهما متساويان في الدرجة و عدم التعصيب .و إن كان له أم و بنت موسرتان كانت النفقة عليهما بالسوية لانهما متساويان في الدرجة و عدم التعصيب ، و إن كان له أم و بنت موسرتان كانت النفقة على البنت .و قال أبو حنيفة و أحمد : يكون على الام ربع النفقة و الباقى على البنت .( فرع ) و إن كان له قريبان موسر ان أحدهما أبعد من الآخر فحضر الابعد و غاب الاقرب - قال المسعودي - وجب على الحاضر أن ينفق ، فإذا حضر الاقرب فهل يرجع عليه بما أنفق ؟ فيه وجهان الاصح له أن يرجع عليه ، و هذا إذا لم يوجد للغائب مال ينفق عليه منه .و إن كان له مال حاضر أنفق عليه منه ، و إن لم يكن له مال - و أمكن أن يقترض الحاكم عليه من بيت المال أو من إنسان - اقترض عليه و وجب عليه القضاء إذا حضر ، و إن لم يمكن كان على الحاضر أن ينفق فإن بان أن الغائب كان معسرا أو ميتا وقت النفقة لم يرجع عليه بشيء بل تكون نفقته على الحاضر .و هكذا إن كان له ابنان موسر ان فحضر أحدهما و غاب الآخر كان على الحاضر نصف الفقة ، فإن كان للغائب مال أنفق منه نصف النفقة ، و إن لم يكن له مال و أمكن أن يفترض عليه من بيت المال أو من إنسان افترض عليه الحاكم .و إن لم يمكن ذلك قال ابن الصباغ لزم الحاضر أن يفترض لان نفقته عليه إذا انفرد قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فصل ) و إن كان الذي تجب عليه النفقة يقدر على نفقة قريب واحد و له أب وأم يستحقان النفقة ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن الام أحق لما روى " أن رجلا قال يا رسول الله من أبر ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أباك " و لانها تساوي الاب في الولادة و تنفرد بالحمل و الوضع و الرضاع و التربية ( و الثاني ) أن الاب أحق لانه يساويها في الولادة و ينفرد بالتعصيب .
(307)
و لانهما لو كانا موسرين و الا بن معسرا قدم الاب في وجوب النفقة عليها فقدم في النفقة له .( و الثالث ) أنهما سواء ، لان النفقة بالقرابة لا بالتعصيب ، و هما في القرابة سواء ، و إن كان له أب و ابن ففيه وجهان ، أحدهما أن الابن أحق لان نفقته ثبتت بنص الكتاب .و الثاني أن الاب أحق لان حرمته آكد ، و لهذا لا يقاد بالابن و يقاد به الابن ، و إن كان له ابن و ابن ابن أو أب وجد ، ففيه وجهان ( أحدهما ) أن الابن أحق من ابن الابن و الاب أحق من الجد لانهما أقرب ، و لانهما لو كانا موسرين و هو معسر كانت نفقته على أقربهما ، فكذلك في نفقته عليهما ( و الثاني ) أنهما سواء لان النفقة بالقرابة ، و لهذا لا يسقط أحدهما بالآخر إذا قدر على نفقتهما .( فصل ) و من وجبت عليه نفقته بالقرابة وجبت نفقته على قدر الكفاية لانها تجب للحاجة فقدرت بالكفايه ، و ان احتاج إلى من يخدمه وجبت نفقه خادمه ، و ان كانت له زوجة وجبت نفقة زوجته ، لان ذلك من تمام الكفاية و ان مضت مدة و لم ينفق على من تلزمه نفقته من الاقارب لم يصر دينا عليه ، لانها وجبت عليه لنزجية الوقت و دفع الحاجة ، و قد زالت الحاجة لما مضى فسقطت .( الشرح ) الحديث أخرجه أحمد و البخارى و مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه بلفظ " قال رجل : يا رسول الله أى الناس أحق منى بحسن الصحبه ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أمك : قال ثم من ؟ قال أمك ، قال ثم من ؟ قال أبوك " و لمسلم في رواية " من أبر ؟ قال أمك " و أخرجه أحمد و أبو داود و الترمذى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " قلت يا رسول الله من أبر ؟ قال أمك قال قلت ثم من ؟ قال أمك : قال قلت يا رسول الله ثم من ؟ قال أمك : قال قلت ثم من ؟ قال أباك ثم الاقرب فالأَقرب " و أخرجه أيضا الحاكم و حسنه أبو داود عن بهز أيضا ، و يؤخذ على المصنف قوله " لما روى " لما لم يسم فاعله و هي صيغة