في القود عن محمد بن المثنى و عن أحمد بن سليمان و عن حميد بن مسعدة و إسماعيل ابن مسعود : و أخرجه ابن ماجه في الديات عن محمد بن المثنى و عن ابن أبى عدى و الربيع مضى ضبطها في الربيع بنت معوذ و هو بالتصغير و هي أم حارية بنت سراقة المستشهد بين يدى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي صاحبة حديث : أخبرني عن حارثة إن كان في الجنة صبرت الخ الحديث أما الاحكام فقد قال الشافعي رحمه الله : و القصاص فيما دون النفس سار .جرح يستوفى ، و طرف يقطع و قال العمراني أن القصاص يجب فيما دون النفس من الجروح و الاعضاء ، لقوله تعالى ( و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس - إلى قوله تعالى - و الجروح قصاص ) أه .و لما روت الربيع أنها كسرت ثنية جارية من الانصار فعرضوا عليهم الارث فلم يقبلوا ، فطلبوا العفو فأبوا ، فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فأمر بالقصاص ، فقال أنس بن النضر : و الذي بعثك بالحق لا يكسر ثنيتها ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم كتاب الله القصاص فعفا القوم فقال صلى الله عليه و سلم : ان من عباد الله من لو قسم على الله لابره " و لان القصاص في النفس انما جعل لحفظ النفس ، و هذا موجود فيما دون النفس إذا ثبت هذا فكل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما فيما دون النفس ، فتقطع يد الحر المسلم بيد الحر المسلم و يد الكافر بيد الكافر و يد المرأة بيد المرأة ، و هذا إجماع و تقطع يد المرأة بيد الرجل و يد الرجل بيد المرأة ، و يد العبد بيد الحر و العبد عندنا .و به قال مالك و أحمد و قال أبو حنيفة " إذا اختلف الشخصان في الدية لم يجر القصاص بينهما فيما دونهما كالحرين المسلمين .و ان اشترك جماعة في ابانة عضو أو جراحة يثبت بها القصاص و لم يتميز فعل بعضهم عن بعض ، مثل أن أجرى جماعة سيفا في أيديهم على يد رجل أو رجله فقطعوها أو على رأسه فأوضحوه ( 1 ) قطعت يد كل واحد منهم و أوضح كل واحد منهم ( الهامش ) ( 1 ) أوضحوه أي أوضحوا بياض العظم
(400)
و به قال ربيعة و مالك و أحمد .و قال الثورى و أبو حنيفة : لا يقتص منهم بل ينتقل حق المجني عليه إلى الدية .دليلنا ما روى أن رجلين شهدا عند علي رضى الله عنه على رجل بالسرقة فقطع يده ثم أتيا برجل أخر و قالا : هذا الذي سرق و أخطأنا في ذلك ، فلم يقبل شهادتهما على الثاني و غرمهما دية و يد و قال : لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما ، و روى لقطعتكما ، و لا مخالف له في الصحابة ، و لان كل جناية وجب بها القصاص على الواحد وجب بها على الجماعة كالنفس ، و إن قطع أحدهما بعض العضو و أبانه الثاني ، أو وضع أحدهما السكين على المفصل و وضع الاخر عليه السكين من الجانب الاخر ثم قطعاه و أبا ناه لم يجب على أحدهما قصاص في إبانة العضو ، لان جناية كل واحد منهما قطعة مميزة في بعض العضو فلا يقتص منه في جميعه .( فرع ) و يعتبر في المجني به على ما دون النفس ما يعتبر في النفس ، فإن رماه بحجر كبير يوضحه مثله في الغالب فأوضحه وجب عليه القود ، و إن لطمه و ورم و انتفخ فصار موضحة فلا قود فيها و فيها الدية .و إن رماه بحجر صغير لا يوضح مثله في الغالب فأوضحه لم يجب عليه القود و وجب عليه الدية كما قلنا في النفس .و حكى ابن الصباغ في الشامل أن الشيخ أبا حامد قال إذا كان الحجر مما يوضح غالبا فإنه يجب القصاص في الموضحة ، فإذا مات لم يجب القصاص .قال ابن الصباغ و هذا فيه نظر لان من أوضح غيره بحديدة فمات منها وجب عليه القود ، فإذا كانت هذه الاله توضح في الغالب كانت كالحديد .قال المصنف رحمه الله : ( فصل ) و القصاص فيما دون النفس في شيئين في الجروح و في الاطراف ، فأما الجروح فينظر فيها فان كانت لا تنتهى إلى عظم كالجائفة و ما دون الموضحة من الشجاج ، أو كانت الجناية على عظم ككسر الساعد و العضد و الهاشمة و المنقلة ، لم يجب فيها القصاص ، لانه لا تمكن المماثلة فيه و لا يؤمن أن يستوفى أكثر من الحق فسقط ، فان كانت الجناية تنتهى إلى عظم - فان كانت موضحة في الرأس أو
(401)
الوجه - وجب فيها القصاص ، لانه تمكن المماثلة فيه ، و يؤمن أن يستوفى أكثر من حقه ، و ان كانت فيما سوى الرأس و الوجه كالساعد و العضد و الساق و الفخذ وجب فيها القصاص .و من أصحابنا من قال لا يجب لانه لما خالف موضحة الرأس و الوجه في تقدير الارش خالفهما في وجوب القصاص و المنصوص هو الاول ، لانه يمكن استيفاء القصاص فيها من حيف لانتهائها إلى العظم ، فوجب فيها القصاص كالموضحة في الرأس و الوجه .( فصل ) و ان كان الجناية موضحة وجب القصاص بقدرها طولا و عرضا لقوله عز و جل " و الجروح قصاص " و القصاص هو المماثلة ، و لا تمكن المماثلة في الموضحة الا بالمساحة في الطول و العرض ، فان كانت في الرأس حلق موضعها من رأس الجاني و علم على القدر المستحق بسواد أو غيره ، و يقتص منها ، فان كانت الموضحة في مقدم الرأس أو مؤخره أو في قزعته و أمكن أن يستوفى قدرها في موضعها من رأس الجاني لم يستوف في غيرها ، و ان كان قدرها يزيد على مثل موضعها من رأس الجاني أستوفى بقدرها ، و ان جاوز الموضع الذي شجه في مثله لان الجميع رأس .و ان كان قدرها يزيد على رأس الجاني لم يجز أن ينزل إلى الوجه و القفا لانه قصاص في العضو الذي جنى عليه و يجب فيما بقي الارش لانه تعذر فيه القصاص فوجب البدل ، فان أوضح جميع رأس و رأسه و رأس الجاني أكبر فللمجني عليه أن يتدئ بالقصاص من أى جانب شاء من رأس الجاني ، لان الجميع محل للجناية .و أن أراد أن يستوفى بعض حقه من مقدم الرأس و بعضه من مؤخره فقد قال بعض أصحابنا انه لا يجوز ، لانه يأخذ موضحتين بموضحة .قال الشيخ الامام و يحتمل عندي أنه يجوز لانه لا يجاوز موضع الجناية و لا قدرها الا أن يقول أهل الخبرة أن في ذلك زيادة ضرر أو زيادة شين فيمنع لذلك .و ان كانت الموضحة في الوجه و الرأس و قلنا بالنصوص أنه يجب فيها القصاص اقتص فيها على ما ذكرناه في الرأس ، فان كانت في الساعد فزاد قدرها على ساعد الجاني لم ينزل إلى الكف و لم يصعد إلى العضد ، و ان كانت في الساق
(402)
فزادت على قدر ساق الجاني لم ينزل إلى القدم و لم يصعد إلى الفخذ كما لا ينزل في موضحة الرأس إلى الوجه و القفا ( فصل ) و إن كانت الجناية هاشمة أو منقبلة أو مأمومة فله أن يقتص في الموضحة لانها داخلة في الجناية يمكن القصاص فيها ، و يأخذ الارش في الباقى ، لانه تعذر فيه القصاص فانتقل إلى البدل .( الشرح ) الاحكام : يجب القصاص فيها دون النفس في شيئين : الجروح و الاعضاء ، و الجروح ضربان ، جرح في الرأس و الوجه و جرح فيما سواهما من البدن ، فأما الجروح في الرأس و الوجه و يسمى الشجاج .قال الشافعي رضى الله عنه و هي عشرة .( أولها ) الحارصة و هي التي تقشط الجلد قشطا لا يدمى ، و منه يقال حرص القصار الثوب إذا قشط درنه و وسخه ( 1 ) و بعدها الدامية و هي التي قشطت الجلد و خرج منها الدم ، و بعدها الباضعة و هي التي تبضع اللحم ، أى تشقه بعد الجلد و بعدها المتلاحمة و هي التي تنزل في اللحم و لا تصدع العظم ، و بعدها السمحاق و هي التي وصلت إلى جلدة رقيقة بين اللحم و العظم و تسمى تلك الجلدة السمحاق و بعدها الموضحة و هي التي أوضحت عن العظم و كشفت عنه ، و بعدها الهاشمة و هي التي هشمت العظم ، و بعد المنقلة - قال الشيخ أبو حامد و لها تأويلان ( أحدهما ) أن ينقل العظم من موضع إلى موضع ( و الثاني ) أنه في تداويه لابد من إخراج شيء من العظم منه ، و بعدها المأمومة و تسمى الآمة بالمداسم فاعل و المأمومة اسم مفعول ، و جمع الآمة أوام ، مثل دابة و دواب ، و جمع المأمومة على لفظها مأمومات و هي التي تصل إلى أم الدماغ و قال في البيان : و هي التي قطعت العظم و بلغت إلى قشرة رقيقة فوق الدماغ و بعده الدامغة و هي التي بلغت الدماغ .و حكى عن أبى العباس بن سريج أنه زاد الدامغة بعد الدامية و قال الدامية التي يخرج منها ( الهامش ) ( 1 ) في المصباح : حرص القصار الثوب شقه ، و منه قيل للشجة تشق الجلد حارصة .
(403)
الدم و لا يجرى ، و الدامغة مايخرج منها الدم و يجرى .قال الازهرى ، الدامغة قبل الدامية ، و هي التي يخرج منها الدم بقطعه و الدامية هي التي يخرج منها أكثر إذا ثبت هذا فان الشافعي رضى الله عنه قال في الام لا قصاص فيما دون الموضحة من الشجاج و نقل المزني لو جرحه فلم يوضحه اقتضى منه بقدر عاشق من الموضحة .و اختلف أصحابنا فيه فقال الخراسانيون هل يجب القصاص فيما دون الموضحة من الشجاج ؟ فيه قولان ، قال أكثر أصحابنا البغداديين ، لا يجب القصاص فيما دون الموضحة ، و ما نقله المزني فيه سهو ، لان القصاص هو المماثلة و لا يمكن المماثلة فيما دون الموضحة ، فلو أوجبنا فيها القصاص لم يأمن أن تؤخذ موضحة بمتلاحمة ، لانه قد يكون رأس المجني عليه غليظ الجلد كثير اللحم ، و يكون رأس الجاني رقيق الجلد قليل اللحم ، فإذا قدرنا العمق في المتلاحمتين و رأس المجني عليه و أو جنا قدره في رأس الجاني فربما بلغت إلى العظم و ذلك لا يجوز و قال الشيخ أبو حامد يمكن عندي القصاص فيما دون الموضحة من الشجاج على ما نقله المزني بأن يكون في رأس المجني عليه موضحة و في رأس الجاني موضحة فينظر إلى المتلاحمة التي في رأس المجني عليه ، و ينظركم قدرها من الموضحة ، فإن كان قدر نصفها نظر كم قدر الموضحة التي في قدر رأس الجاني فنقص منه نصف موضحته التي في رأسه ، و المشهور أنه لا قصاص في ذلك ، و أما الموضحة فيجب فيها القصاص لان المماثلة فيها ممكنة من حيف ، فيقدر الموضحة بالطول و العرض و يعلم عليه بخيط أو سواد و لا يعتبر العمق ، لانه يأخذ إلى العظم .و ان كانت الشجة في الرأس و على موضعها في رأس الجاني شعر فالمتسحب أن يحلق ذلك الشعر لانه أسهل في الاستيفاء ، و إن اقتص و لم يحلق الشعر جاز ، لانه لا يأخذ إلا قدر حقه .( فرع ) إذا شج رجل رجلا في رأسه شجة فلا يخلو إما أن يستوى رأساهما في الصغر و الكبر أو يختلفا - فإن استوى رأسهما في الصغر أو الكبر - فإنه يستوفى مثل موضحته بالطول و العرض في موضعتها إما في مقدم الرأس أو مؤخره
(404)
أو بين قرنيه ، و ان اختلفا نظرت - فإن كان رأس الجاني أكبر و رأس المجني عليه أصغر فجنى عليه موضحة إلى منبت الشعر فوق الاذن و كان قدر طولها و عرضها في رأس الجاني ينتهى إلى أعلا من ذلك الموضع لسعته ، فليس للمجني عليه أن يأخذ الا قدر موضحته طولا و عرضا لا يزيد عليه ، و لكن له أن يبتدئ بالقصاص من أى الجانبين شاء .و إن أوضح جميع رأسه فللمجني عليه أن يقتص قدر موضحته طولا و عرضا في أى وقت شاء من رأس الجاني لانه قد جنى عليه في ذلك الموضع في رأسه فإن أراد أن يقتص بعضها في مقدم رأس الجاني و بعضها في مؤخر رأس الجاني و يكون بينهما فاصل ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يجوز له ذلك لانه يأخذ موضحتين بموضحة ( و الثاني ) و هو قول المصنف أنه يجوز لانه لا يأخذ إلا قدر حقه إلا أن قال أهل الخبرة ان في ذلك زيادة ضرر أو زيادة شين فيمنع من ذلك ، و إن كان رأس المجني عليه أكبر من رأس الجاني فأوضحه موضحة في مقدم رأسه و كان قدر طولها و عرضها في رأس الجاني يزيد على ذلك الموضع ففيه وجهان ( أحدهما ) أن للمجني عليه أن يقتص في مقدم رأس الجاني و يستكمل قدر طول موضحته و عرضها مما يلى ذلك من مؤخر رأس الجاني لانه عوض واحد فإن زادت موضحته على قدر الرأس لم يكن له أن يستوفى باقيها في الوجه و لا في القفا و هو ما نزل عن منبت شعر الرأس من العين لانهما موضعان آخران و الوجه الثاني أنه لا يجوز له أن يتجاوز عن سمت موضع الشجة لانه موضع الشجة فلم يتجاوزه ، كما لا يجوز أن يتجاوز عن موضع الرأس إلى الوجه و القفا فعلى هذا ان كانت الموضحة في مقدم الرأس و زاد قدرها على مقدم رأس الجاني لم ينزل إلى مؤخره ، و ان كانت بين قرنى الرأس و هما جانباه و زاد قدرها على ما بين قرنى رأس الجاني فللمجني عليه أن يقتص إلى ما فوق الاذنين لانه في سمتها و ليس له أن يستوفى في مقدم الرأس و لا في موخره لانه في سمته ( فرع ) و أما الهاشمة و المنقلة و المأمومة فله أن يقتص في الموضحة و ليس له أن يقتص فيما زاد عليها لان كسر العظم لا يمكن المماثلة فيه لانه يخاف فيه الحيف
(405)
و إتلاف النفس ، و أما الجراحة في الرأس و الوجه فيظر فيها - فإن وصلت إلى عظم وجب فيه القصاص .و من أصحابنا من قال لا يجب فيها القصاص لانها لما خالفت موضحة الرأس و الوجه في تقدير الارش خالفتها في وجوب القصاص و المنصوص هو الاول ، لانه يمكن القصاص فيها من حيف فهي كالموضحة في الرأس و الوجه .فعلى هذا إن كانت في موضع عليه شعر كثير ، فالمستحب أن يحلق موضعها و يعلم على موضعها سواد أو غيره ، و يقدر الطول و العرض على ما ذكرناه في موضحة الرأس .و إن كانت الجراحة في العضد فزيد قدرها على عضد الجاني لم ينزل في الزيادة على عالي الساعد ، و إن كانت في الفخذ و زاد قدرها على فخذ الجاني لم ينزل في الزيادة إلى الساق ، و إن كانت في الساق و زاد قدرها على ساق الجاني لم ينزل في الزيادة إلى القدم كما لا ينزل في موضحة الرأس إلى الوجه و القفا ، و إن كانت فيما دون الموضحة لم يجب فيها القصاص على المشهور من المذهب ، لانه لا يمكن المماثلة فيه و على ما اعتبره الشيخ أبو حامد و حكاه الخراسانيون فيما دون الموضحة من الجراحات على الرأس في الوجه يكون ههنا مثله و إن كانت الجراحة جائفة أو كسر عظم لم يجب القصاص فيها ، لانه لا يمكن المماثلة فيها و يخاف فيها الحيف ، بل إن كانت في موضع وصلت إلى عظم ثم كسرت أو أجافت وجب القصاص فيها إلى العظم و وجب الارش فيما زاد قال المصنف رحمه الله تعالى ( فصل ) و أما الاطراف فيجب فيه القصاص في كل ما ينتهى منها إلى مفصل فتؤخذ العين بالعين لقوله تعالى " و كتبنا عليهم فيه أن النفس بالنفس و العين بالعين و الانف بالانف و الاذن بالاذن و ألسن بألسن و الجروح قصاص " و لانه يمكن المماثلة فيها لانتهائها إلى مفصل فوجب فيها القصاص ، و لا يجوز أن يأخذ صحيحة بقائمة لانه يأخذ أكثر من حقه ، و يجوز أن يأخذ القائمة بالصحيحة لانه يأخذ دون حقه .و ان أوضج رأسه فذهب ضوء عينه ، فالمنصوص أنه يجب فيه القصاص ،