الكتف لانه لا يؤمن أن يأخذ زيادة على حقه ، فإن أراد أن يقتص من المرفق و يأخذ الحكومة فيما زاد كان له ذلك و إن أراد أن يقتص من الكوع و يأخذ الحكومة فيما زاد على ذلك فقال الشيخ أبو إسحاق له ذلك .و على ما قال ابن الصباغ إذا قطع يده من بعض العضو و أراد أن يقتص من المرفق ليس له أن يقتص ههنا من الكوع لانه يمكن استيفاء حقه قصاصا من المرفق ، و متى أمكنه أن يأخذ حقه قصاصا فليس له أن يستوفى بعضه قصاصا و بعضه أرشا ، و حكم الرجل إذا قطعت أصابعها أو من مفصل القدم أو الركبة أو الورك أو ما بين ذلك حكم اليد في القصاص على ما مضى .( فرع ) قال الشافعي رضى الله عنه : إذا قطع يده من المفصل فتعلقت بالجلد وجب القصاص فتقطع إلى أن تبقي معلقة بمثل ذلك .و يسأل أهل الطب ، فإن قالوا المصلحة في قطعها قطعناها ، و إن قالوا المصلحة في تركه تركناها ( مسألة ) إذا قطع من له يد صحيحة يدا شلاء لم يكن للمجني عليه أن يقتص بل له الحكومة .و قال داود بن علي له أن يقتص .دليلنا أن اليد الشلاء لا منفعة فيها ، و إنما فيها مجرد جمال فلا يأخذ بها يدا فيها منفعة ، و إن قطع من له يد شلاء يدا صحيحة فاختار المجني عليه أن يقطع الشلاء بالصحيحة .قال الشافعي رضى الله عنه القصاص قال أصحابنا يرجع إلى عدلين من المسلمين من أهل الخبرة ، فإن قالا : إذا قطعت هذه الشلاء لم يخف أكثر مما يخاف عليه إذا قطعت لو كانت صحيحة فللمجني عليه أن يقتص ، و إن قالا يخاف عليه أكثر من ذلك بأن تبقي أفواه العروق منتفخة فتتخللها الجراثيم فيحدث من جراء ذلك تسمم كامل فتتلف النفس لم يكن له أن يقتص لانه أخذ نفس بيد ، و هذا لا يجوز ، و هل يجوز أخذ اليد الشلاء باليد الشلاء ؟ و الرجل الشلاء بالرجل الشلاء ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يجوز لانهما متماثلان ( و الثاني ) لا يجوز لان الشلل علة ، و العلل يختلف تأثيرها في البدن فلا تتحقق المماثلة بينهما و لا يتصور الوجهان إلا إذا قال أهل الخبرة إنه لا يخاف على الجاني ، و اتخذ الاطباء أسباب الوقاية من
(421)
تلوث الدم أو حدوث نزيف فيه يفضى إلى وقت وقف القلب عن النبض ، فإذا لم يمكن الاحتياط و خيف على الجاني فلا يجوز القصاص وجها واحدا على ما مضى في أخذ الشلاء بالصحيحة قال المصنف رحمه الله تعالى ( فصل ) و لا تؤخذ يد كاملة الاصابع بيد ناقصة الاصابع ، فان قطع من له خمس أصابع كف من له أربع أصابع ، أو قطع من له ست أصابع كف من له خمس أصابع ، لم يكن للمجني عليه أن يقتص منه لانه يأخذ أكثر من حقه و له أن يقطع من أصابع الجاني مثل أصابعه لانها داخلة في الجناية و يمكن استيفاء القصاص فيها ، و هل يدخل أرش ما تحت الاصابع من الكف في القصاص ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يدخل كما يدخل في ديتها ( و الثاني ) و هو قول أبى إسحاق انه لا يدخل بها بل يأخذ مع القصاص الحكومة لما تحتها " و الفرق بين القصاص والدية أن الكف يتبع الاصابع في الدية و لا يتبعها في القصاص ، و لهذا لو قطع أصابعه و تآكل منها الكف و اختار الدية لم يلزمه أكثر من دية الاصابع ، و لو طلب القصاص قطع الاصابع و أخذ الحكومة في الكف ، و تؤخذ يد ناقصة الاصابع بيد كاملة الاصابع ، فان قطع من له أربع أصابع كف من له خمس أصابع ، أو قطع من له خمس أصابع كف من له ست أصابع للمجني عليه أن يقتص من الكف و يأخذ دية الاصبع الخامسة أو الحكومة في الاصبع السادسة لانه وجد بعض حقه و عدم البعض ، فأخذ الموجود و انتقل في المعدوم إلى البدل ، كما لو قطع عضوين و وجد أحدهما ( فصل ) و لا يؤخذ أصلي بزائد ، فان قطع من له خمس أصابع أصلية كف من له أربع أصابع أصلية و إصبع زائدة لم يكن للمجني عليه أن يقتص من الكف لانه يأخذ أكثر من حقه ، و يجوز أن يقتص من الاصابع الاصلية لانها داخلة في الجناية ، و يأخذ الحكومة في الاصبع الزأئدة و ما تحت الزائدة من الكف يدخل في حكومتها .و هل يدخل ما تحت الاصابع التي اقتص منها في قصاصها ؟ على الوجهين ، و يجوز أن يأخذ الزائد بالاصلي ، فان قطع من له أربع أصابع أصلية
(422)
و إصبع زائدة كف من له خمس أصابع أصلية ، فاللمجنى عليه أن يقتص من الكف لانه دونه حقه و لا شيء له لنقصان الاصبع الزائدة ، لان الزائدة كالاصلية في الخلقة .و إن كان لكل واحد منهما أصبع زائدة نظرت فإن لم يختلف محلهما أخذ احداهما بالاخرى لانهما متساويان .و ان اختلف محلهما لم تؤخذ احداهما بالاخرى لانهما مختلفان في أصل الخلقة .( الشرح ) إذا كان لرجل يد لها ستة أصابع فقطع كف رجل لها خمس أصابع نظرت في الاصبع الزائدة للجاني ، فإن كانت خارجة عن عظم الكف كان للمجني أن يقتص من كف الجاني ، لانه يمكنه أن يأخذ مثل كفه من أن يتناول الزائدة و إن كانت ثابتة على الكلب أو ملتزقة بإحدى الاصابع أو على أصابع اليد لم يكن لة أن يقتص من الكف لانه يأخذ أكثر من حقه فيكون المجني بالخيار بين أن يأخذ دية يده و بين أن يقتص من الاصابع الخمس إذا كانت الزائدة على سن الاصابع ملتزقة بواحدة منهن و لا نابتة على إحداهن ، فإذا اقتص منها فهل يتبعها ما تحتها من الكف في القصاص ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) يتبعها كما يتبعها في ديتها ( و الثاني ) لا يتبعها ، بل يأخذ مع القصاص الحكومة ، لان الكف تتبع الاصابع في الدية ، و لا تتبعها في القصاص ، و لهذا لو قطع أصابعه فتآكل منها الكف و اختار الدية لم يلزمه أكثر من دية الاصابع .و لو طلب القصاص قطعت الاصابع و أخذ الحكومة في الكف .و ان كانت الاصبع الزائدة نابتة على أنملة من الاصابع الخمس ، فليس للمجني عليه أن يقتص من الكف ، و له أن يقتص من الاصابع التي ليس عليها الزائدة و أما الاصبع التي عليها الزائدة - فإن كانت على الانملة العليا لم يكن له أن يقتص منها ، و ان كانت على الوسطى فله أن يقتص من الانملة العليا ، و يجب له ثلثا دية أصبع ، و ان كانت على الانملة السفلى فله أن يقتص من الانملتين العلويتين و له ثلث دية أصبع و يتبعها ما تحتها من الكف ، و هل يتبع ما تحت الاصابع الاربع ما تحتها من الكف في القصاص ؟ على الوجهين
(423)
و ان قطع من له خمس أصابع كف يد لها أربع أصابع لم يكن لها أن يقتص من الكف لانه يأخذ أكثر من حقه ، و له أن يقتص من أصابع الجاني الاربع المماثلة لاصابعه المقطوعة ، و هل يتبعها ما تحتها من الكف في القصاص ؟ أو يجب له مع ذلك حكومة ؟ على الوجهين .( فرع ) إذا كان لرجل كف فيه خمس أصابع أصلية فقطع كف يد فيه أربع أصابع أصلية و إصبع زائدة ، و انما يحكم بأنها زائدة إذا كانت مائلة عن بقية الاصابع ضعيفة ، فليس للمجني عليه أن يقتص من كف الجاني لانه ليس له أن يأخذ أكمل من يده ، فإن اختار الارش كان له دية الاربع الاصابع الاصلية و حكومة في الزائدة و ان أراد أن يقتص من الاربع الاصابع الاصلية كان له ذلك و يأخذ مع ذلك حكومة في الزائدة يتبعها ما تحته من الكف في الحكومة ، و هل يتبع ما تحت الاصابع الاصلية ما تحتها من الكف في القصاص ؟ أو يجب له فيه حكومة على الوجهين .و ان قطع كفا له خمس أصابع أصلية و يد القاطع لها أربع أصابع أصلية و إصبع زائدة فإن اختار المجني عليه أن يقطع كف الجاني كان له ذلك ، لانه أنقص من كفه .قال المزني في جامعه .انما يجوز له ذلك إذا كانت الزائدة في محل الاصلية .فأما إذا كانت في محلها فليس له أخذها و هذا صحيح و كذلك إذا كانت الزائدة أكثر أنامل لم يؤخذ بالاصليه .و ان قطع يدا و عليها أصبع زائد و للقاطع يد عليها أصبع زائدة فإن اتفق محل الزائدتين و قدرهما كان للمجني عليه أن يقتص من الكف لتساويهما ، و ان اختلفا في المحل لم يكن له أن يقتص من الكف لانه يأخذ أكثر من حقه ، و ان كانت أقل أنامل كان له أن يقتص و يأخذ في الزيادة الحكومة و بكل ما قلنا قال العلماء كافة إلا ما ذكرناه من خلاف داود بن علي قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فصل ) و ان قطع من له يد صحيحة كف رجل له أصبعان شلا و ان لم يقتص منه في الكف لانه يأخذ كاملا بناقص و يجوز أن يقتص في الاصابع الثلاث الصحيحة لانها مساوية لاصابعه و يأخذ الحكومة في الشلاوين لانه
(424)
لا يجد ما يأخذ به و يدخل في حكومة الشلاوين أرش ما تحتهما من الكف و هل يدخل أرش ما تحت الثلاثة في قصاصها على الوجهين ( فصل ) و لا تؤخذ يد ذات أظفار بيد لا أظفار لها لان اليد بلا أظفار ناقصة فلا تؤخذ بها يد كاملة و تؤخذ يد لا أظفار لها بيد لهاأظفار لانه يأخذ بعض حقه .( فصل ) فإن قطع أصبع رجل فتأكل منه الكف وجب القصاص في الاصبع ، لانه أتلفه بجناية عمد ، و لا يجب في الكف ، لانه لم يتلفه بجناية عمد لان العمد فيه أن يباشره بالاتلاف و لم يوجد ذلك و يجب عليه دية كل أصبع من الاصابع لانها تلفت بسبب جنايته و يدخل في دية كل أصبع أرش ما تحته من الكف لان الكف تابع للاصابع في الدية و هل يدخل ما تحت الاصابع التي اقتص منها في قصاصها على الوجهين ( الشرح ) إذا قطع كفا له ثلاث أصابع صحيحة و أصبعان شلا و ان كان كف القاطع صحيحة الاصابع فليس للمجني عليه أن يقتص من الكف لانه يأخذ أكمل من يده ، و ان رضى الجاني بذلك لم يجز لان القصاص لم يجب فيها فلم يجز بالبدل كما لو قتل حر عبدا و رضى أن يقتل به ، و للمجني عليه أن يقتص من الاصابع الثلاث الصحيحة ، فإذا اقتص منها فهل يتبعها ما تحتها من الكف في القصاص ؟ أو تجب فيها الحكومة ؟ فيه وجهان .و أما الاصبعان الشلاوان فله فيهما حكومة ، و ان كانت كف المقطوع صحيحة الاصابع وكف للقاطع فيها أصبعان شلاوان فالمجني عليه بالخيار بين أن يأخذ دية يده و بين أن يقتص من كف الجاني ، لانها أنقص من كفه ، و لا شيء للمجني عليه لنقصان كف الجاني بالشلل ، أما إذا اختار الدية فله دية يده لا نعلم فيه خلافا لانه عجز عن استيفاء حقه على الكمال بالقصاص فكانت له الدية كما لو لم يكن للقاطع يد ، و هذا قول أبى حنيفة و مالك و أحمد .و ان قطع كفا له خمس أصابع وكف القاطع فيها ثلاث أصابع لا و أصبعان مفقودتان فللمجني عليه أن يقتص من كف الجاني و يأخذ منه دية الاصبعين ،
(425)
و قال أبو حنيفة : هو بالخيار بين أن يأخذ دية يده و بين أن يقتص من يد الجاني و لا شيء له .دليلنا قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) و يد الجاني ليست مثل يد المجني عليه ، و لانه استوفى بعض حقه فكان له أرش ما لم يستوفه كما لو قطع له أصبعين و لم يجد له إلا واحدة ( فرع ) و إن قطع ذو يد لها أظفار يد من لا أظفار له لم يجز القصاص لان الكاملة لا تؤخذ بالناقصة ، فإن سقطت أظافره قطعت و لو لم يكن لواحد منهما أظافر حالة القطع يقتص منه ، فلو ثبت للقاطع أظافر قبل أن يقتص منه لا يقتص لطروء الزيادة ، و يجوز أن يأخذ اليد التي لا أظفار لها باليد التي لها أظفار ، لانها أنقص من يده ( فرع ) و إن قطع أنملة لها طرفان - فإن كانت أنملة القاطع لها طرفان من تلك الاصبع بتلك اليد فللمجني عليه قطعها لانها مثل حقه ، و إن كانت أنملة القاطع لها طرف واحد فللمجني عليه أرش الانملة ، فإن قال المجني عليه أنا أصبر على القصاص إلا أن تسقط الانملة الزائدة و أقتص في الاصلية - كان له ذلك ، لان له تأخير القصاص ، هذا ترتيب البغداديين كما أفاده صاحب البيان و قال المسعودي : إن علمت الاصلية منهما قطعت احداهما و يغرم الجاني التفاوت ما بين سدس دية أصبع و ثلثها ( فرع ) و إن قطع أنملة من سبابة رجل و قطع الانملة الوسطى من تلك الاصبع من رجل آخر - فإن جاء المجني عليهما - قطعت العليا لصاحب العليا و قطعت الوسطى لصاحب الوسطى ، و إن جاء صاحب الوسطى أولا و طلب القصاص لم يكن له ذلك ، لانه لا يمكن قطعها من قطع العليا ، و يكون بالخيار بين أن يأخذ دية الانملة و بين أن يصير إلى أن يقتص صاحب العليا لو سقط بأكلة - و هي ما تسمى الغنغرينة - و هكذا إن عفا صاحب العليا عن القود و لم يقطع الانملة العليا من إنسان لكن قطع الانملة الوسطى من رجل جاء صاحب الوسطى يطلب النقصان و للجانى الانملة العليا و الوسطى ، فلمجنى عليه أن يصبر إلى أن تقطع العليا أو تسقط ثم يقتص من الوسطى .و قال أبو حنيفة لا قصاص له لانه حين قطعها لم يجب القصاص عليه فيها
(426)
لتعذر استيفائها ، فإذا لم تجب حال الجناية لم تجب بعد ذلك .دليلنا أن القصاص إنما تعذر لمتصل به ، فإذا زال ذلك المتصل كان له استيفاء القصاص ، كما لو قتلت حامل غيرها ثم ولدت - فإن لم يصبر صاحب الوسطى و قطع الوسطى و العليا فقد فعل مال لا يجوز له على المقتص منه فيجب عليه ديتها ، و قد استوفى القصاص في الوسطى ، فإن قطع العليا من أصبع زيد ، و قطع العليا و الوسطى من تلك الاصبع من عمرو ، فإن حضرا معا و طلبا القصاص اقتص زيد من العليا لانه اسبق و اقتص عمرو من الوسطى و أخذ دية العليا .و كذلك إن حضر زيد وحده فله أن يقتص من العليا ، و إن حضر عمرو فليس له أن يقتص لان حق زيد تعلق في العليا قبله ، و إن خالف و اقتض من العليا و الوسطى فقد أساء بذلك ، و لكنه يصير مستوفيا لحقه ، و يكون لزيد دية الانملة العليا على الجاني .( فرع ) ذكر الطبري في العدة : لو كان المجني عليه أربع أنامل في أصبع فله أربعة أحوال : أحدها : أن يقطع من له ثلاث أنامل أنملة من الاربع فلا قصاص عليه .و ان قطع أنملتين من الاربع قطع من الجاني أنملة و يغرم الجاني التفاوت فيما بين النصف و الثلث من دية الاصبع ، و ان قطع له ثلاث أنامل قطع منه أنملتين و يغرم ما بين ثلثي دية أصبع و بين ثلاثة أرباع ديتها ، و إن قطع له أربع أنامل قطعت أنامل القاطع الثلاث و وجب عليه مع ذلك زيادة حكومة ، فأما إذا كان للقاطع أربع أنامل و للمقطوع ثلاث أنامل فله ثلاثة أحوال ، أن قطعت أنملة منه قطعت أنملة منه و يغرم الجاني ما بين ثلث دية أصبع و بين ربعها ، و هو خمسة أسداس بغير ، و ان قطع أنملتين قطع منه أنملتين و يغرم التفاوت بين نصف دية الاصبع و ثلثيها .و إن قطع جميع أنامله قطع منه ثلاث أنامل و يغرم التفاوت بين ثلاثة أرباع دية الاصبع و جميع ديتها - و هو بعيران و نصف - فعل هذا لو بادر فقطع أصبعه عزر و لا شيء ء عليه من الدية .و فيه وجه أن له قطع أصبعه بخلاف اليد التي لها ست أصابع ، لان تلك الزيادة ظاهرة في منفصلات كاليدين .