إعراض المشهور عن الرواية كاسر لحجّيتها
يلاحظ عليه: أنّ للقدماء لونين من التأليف: أحدهما بصورة الفقه المنصوص، والآخر بصورة الفقه المستنبط، وكان أساس الأوّل هو تجريد المتون عن الأسانيد والإفتاء بنفس الرواية أو بمضمون قريب منه، وإذا تضافرت فتاوى تلك الطبقة في مسألة على عبارة موجودة في الخبر الضعيف يستكشف اعتمادهم في مقام الإفتاء على ذاك الحديث، ومن هذا القسم، كتاب الشرائع لعلي بن بابويه(المتوفّى عام 329هـ) وكتاب المقنع والهداية لولده الصدوق (المتوفّى عام 381هـ)، والمقنعة للمفيد (المتوفّى 413هـ) والنهاية للشيخ الطوسي (المتوفّـى 460هـ) وكتاب التكليف للشلمغاني (المتوفّـى 323هـ) ولعلّ هو نفس كتاب فقه الرضا، فإنّ تضافر هؤلاء على الإفتاء بنص الحديث أو بمضمونه، يورث الاطمئنان بوثوقهم بالحديث من طرق مختلفة.وأمّا اللون الآخر من التأليف فهو خارج عن محطّ بحثنا، ومنه كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان، وكتب ابن جنيد، والناصريات والانتصار للسيد، والمبسوط للشيخ.هذا كلّه حول الأمر الثاني ـ كون الشهرة الفتوائية جابراً لضعف الرواية ـ وإليك الكلام في الأمر الثالث.3. إعراض المشهور عن الرواية كاسر لحجّيتها
إنّ إعراض المشهور عن الرواية مسقط لها عن الحجّية ـ وإن كان السند صحيحاً ـ سواء كان في مقابله خبر معارض أو لا، لكونه مصداق الشاذ النادر الذي لا ريب في بطلانه، ومورد المقبولة وإن كان هو صورة التعارض، ولكن المورد ليس بمخصص، والموضوع هو الشذوذ وعدم اعتداد الأصحاب بها، من غير فرق بين وجود معارض له أو لا.