امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل جلد 17
لطفا منتظر باشید ...
و في هذه السورة، إكمالا للبحث الذيتناولته الآيات السابقة، في إثارات وإشارات مختصرة و معبّرة حول تاريخ خمسة منالأقوام المعاندة ابتداء من قوم نوح كمافي قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْقَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ. فمضافاإلى تكذيبه و اتّهامه بالجنون صبّوا عليهألوان الأذى و التعذيب و منعوه منالاستمرار في أداء رسالته.فتارة يقولون له مهدّدين و منذرين قالُوالَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُلَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ. «1»و تارة اخرى يضغطون رقبته بأيديهم حتّىيفقد وعيه، و لكنّه ما أن يفيق إلى وعيهحتّى يقول: «اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لايعلمون» «2».و خلاصة القول فإنّ قوم نوح مارسوا كلّوسيلة لأذى نبيّهم، و مع ذلك فإنّه لميتوقّف عن التبليغ و الإرشاد أملا فيهدايتهم.و الجدير بالذكر أنّنا نلاحظ أنّ لفظ(التكذيب) قد ورد مرّتين، و لعلّ السببأنّه ورد في الحالة الاولى (مختصرا) و فيالثانية (مفصّلا).و التعبير بـ «عبدنا» إشارة إلى أنّ هؤلاءالقوم المعاندين و المغرورين في الواقعيبارزون اللّه تعالى لا مجرّد شخص «نوح».كلمة (و ازدجر) أصلها (زجر) بمعنى الطرد، وهو الإبعاد المقترن بصوت شديد، كما أنّهيطلق على كلّ عمل يراد منه منع الشخص منالاستمرار به.و الظريف في هذه الآية أنّ الفعل (قالوا)أتى بصورة فعل معلوم (و ازدجر) بصيغة فعلمجهول و لعلّ ذلك للإشارة إلى أنّ عدم ذكرالفاعل هنا للترفّع عن ذكر قوم نوح بسببسوء و قبح الأعمال التي مارسوها و التيكانت أقذر و أقبح من أقوالهم، ممّا يكونسببا في عدم ذكرهم بالصيغة المعلومة كمافي قوله تعالى: