لقد كان أبو حنيفة يتبنّى مذهب القياسويعمل به كمصدر من مصادر التشريع فياستنباط الاحكام، لكنّ الإمام (عليهالسلام) كان ينكر عليه ذلك ويبيّن له بطلانمذهبه.
وإليك بعض المحاورات التي جرت بينه وبينالإمام (عليه السلام):
ذكروا أنه وفد ابن شبرمة مع أبي حنيفة علىالإمام الصادق (عليه السلام) فقال لابنشبرمة: «مَن هذا الذي معك؟»
فأجابه قائلاً: رجل له بصر، ونفاذ في أمرالدين.
فقال له (عليه السلام): «لعله الذي يقيسأمر الدين برأيه؟» فأجابه: نعم.
والتفت الإمام (عليه السلام) الى أبيحنيفة قائلاً له: «ما اسمك؟» فقال:النعمان.
فسأله (عليه السلام): «يا نعمان! هل قسترأسك؟»
فأجابه: كيف أقيس رأسي؟.
فقال له (عليه السلام): «ما أراك تحسنشيئاً. هل علمت ما الملوحة في العينين؟والمرارة في الاُذنين، والبرودة فيالمنخرين والعذوبة في الشفتين؟
فبهر أبو حنيفة وأنكر معرفة ذلك ووجّهالإمام إليه السؤال التالي: «هل علمت كلمةأوّلها كفر، وآخرها إيمان؟» فقال: لا.
والتمس أبو حنيفة من الإمام أن يوضّح لههذه الاُمور فقال له (عليه السلام):«أخبرني أبي عن جدّي رسول الله (صلّى اللهعليه وآله) أ نّه قال: إن الله تعالى بفضلهومنّه جعل لابن آدم الملوحة في العينينليلتقطا ما يقع فيهما من القذى، وجعلالمرارة في الاذنين حجاباً من الدوابّفإذا دخلت الرأس دابّة، والتمست الىالدماغ، فإن ذاقت المرارة التمست الخروج،وجعل الله البرودة في المنخرين يستنشقبهما الريح ولولا ذلك لانتن الدماغ، وجعلالعذوبة في الشفتين ليجد لذة استطعام كلشيء».