ولمّا دخل أبو مسلم الخراساني علىالمنصور قابله بقساوة بالغة وأخذ يعدّدعليه أعماله وأبو مسلم يعتذر عن ذلك.
ثمّ صفّق المنصور عالياً حسب الاتّفاق معحرّاسه لتكون الصفقة بمثابة ساعة الصفر،فدخل الحرّاس وبأيديهم السيوف فقال: أبومسلم للمنصور متوسّلا استبقني لعدوّك.فصاح به: وأيّ عدو أعدى لي منك؟!
وبمثل هذا الاسلوب أيضاً قد غدر بعمّه عبدالله بن علي حيث ارسل عليه بعد أن أعطاهالأمان ثم قتله بعد ذلك(1).
أما مخطّطه الخبيث ضدّ الإمام الصادق(عليه السلام) ونهضته الإسلاميّة بشكل عامفقد أخذ ثلاثة اتّجاهات:
الاتّجاه الأول:
اتّخذ المنصور في هذا الاتّجاه اسلوباًمرناً محاولا فيه الاستفادة من جهد الإمام(عليه السلام) واحتوائه ضمن سياسة الخلافةالعباسية فقد كتب إليه: «لم لا تغشانا كمايغشانا سائر الناس؟
فأجابه الإمام (عليه السلام): «ليس لنا مانخافك ولا عندك من أمر الآخرة مانرجوك له،ولا أنت في نعمة فنهنّـئك بها ولا تراهانقمة فنعزّيك بها، فما نصنع عنك!؟»
فكتب اليه: تصحبنا لتنصحنا.
فأجابه (عليه السلام): «من أراد الدنيا لاينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك».
قال: المنصور: والله لقد ميّز عندي منازلالناس، من يريد الدنيا ممن يريد الآخرةوإنه ممّن يريد الاخرة لا الدنيا(2).
(1) تاريخ اليعقوبي: 2/369 وتاريخ الاُمموالملوك: 6 / 266.
(2) كشف الغمة: 2/420 عن تذكرة ابن حمدون، وعنهفي بحار الأنوار: 47 / 184.