فقال الإمام (عليه السلام): «فيجب ـ علىقياس قولك ـ على الحائض قضاء ما فاتها منالصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجبالله تعالى قضاء الصوم دون الصلاة؟!».
وبهذا أراد الإمام أن يثبت لأبي حنيفة أنالدين لا يُدرك بالقياس والاستحسان. ثمأخذ الإمام يركّز على بطلان مسلكه القياسيفوجّه له سؤالاً آخر هو: «البول أقذر أمالمني؟» فقال له: البول أقذر.
فقال الإمام (عليه السلام): «يجب على قياسكأن يجب الغسل من البول; لأنه أقذر، دونالمنيّ، وقد أوجب الله تعالى الغسل منالمني دون البول».
ثم استأنف الإمام (عليه السلام) حديثه فيالردّ عليه قائلاً: «ما ترى في رجل كان لهعبد فتزوّج، وزوّج عبده في ليلة واحدةفدخلا بأمراتيهما في ليلة واحدة، ثم سافراوجعلا إمرأتيهما في بيت واحد وولدتاغلامين فسقط البيت عليهم فقتلت المرأتان،وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك؟وأيّهما المملوك وأيّهما الوارث؟ وأيّهماالموروث؟».
وهنا أيضاً صرح أبو حنيفة بعجزه قائلاً:إنما أنا صاحب حدود.
وهنا وجّه اليه الإمام السؤال التالي: «ماترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح، وقطع يد رجلكيف يقام عليهما الحدّ؟».
واعترف مرة اُخرى بعجزه فقال: أنا رجلعالم بمباعث الانبياء...
وهنا وجّه له الإمام السؤال التالي:«أخبرني عن قول الله لموسى وهارون حينبعثهما الى فرعون (لعلّه يتذكّر أو يخشى) (1)ـ ولعلّ منك شكّ؟) فقال: نعم. فقال لهالإمام (عليه السلام): «وكذلك من الله شكّإذ قال: لعله؟!» فقال: لا علم لي.
وأخذ الإمام باستفراغ كل ما في ذهن أبيحنيفة من القياس قائلاً له:
(1) طه (20): 44.