«تزعم أنك تفتي بكتاب الله، ولست ممّنورثه، وتزعم أنك صاحب قياس، وأوّل من قاسإبليس لعنه الله ولم يُبنَ دينُ الاسلامعلى القياس وتزعم أنك صاحب رأي، وكانالرأي من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)صواباً ومن دونه خطأ، لأنّ الله تعالى قال:(فاحكم بينهم بما أراك الله) ولم يقل ذلكلغيره، وتزعم أنك صاحب حدود، ومن أُنزلتعليه أولى بعلمها منك وتزعم أنك عالمبمباعث الانبياء، وخاتم الانبياء أعلمبمباعثهم منك.
لولا أن يقال دخل على إبن رسول الله (صلّىالله عليه وآله) فلم يسأله عن شيء ما سألتكعن شيء. فقس إن كنت مقيساً.
وهنا قال أبو حنيفة للإمام (عليه السلام):لا أتكلم بالرأي والقياس في دين الله بعدهذا المجلس.
وأجابه الإمام (عليه السلام): «كلاّ إنّحبّ الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كانقبلك»(1).
وهكذا وقف الإمام (عليه السلام) موقفاً لاهوادة فيه ضدّ هذه التوجّهات الخطيرة علىالاسلام فكثّف من نشاطه حولها ولاحقالعناصر التي كانت تتبنّى هذه الافكارالدخيلة ليغيّر من قناعاتها.
ونجد للإمام (عليه السلام) موقفاً مع ابنأبي ليلى وهو القاضي الرسمي للحكومةالاُموية وكان يفتي بالرأي قبل أبي حنيفةوقد قابل الإمام الصادق (عليه السلام) وكانمعه سعيد بن أبي الخضيب فقال (عليه السلام):«من هذا الذي معك؟» قال سعيد: ابن أبي ليلىقاضي المسلمين.
فسأله الإمام (عليه السلام) قائلاً: «تأخذمال هذا فتعطيه هذا وتفرّق بين المرءوزوجه ولا تخاف في هذا أحداً؟!» قال: نعم.
(1) الاحتجاج للطبرسي: 2 / 110 ـ 117.