1 ـ حذّر الإمام من تكوين علاقات إيمانيةمع من كانوا يسمون بالعلماء ـ الذينانتشروا في زمانه ـ ومنع من الاقتداء بهملأنّ ما يتحقق من خلال التعاطف معهموالمحبة لهم من دون معرفة لواقعهم النفسيوالأخلاقي يكفى لبناء صرح إيماني خاطئومنحرف; فإنّ العلم الذي يتمتع به هؤلاءانّما يكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآنماءاً.
والإمام (عليه السلام) يشير إلى أن هذاالنوع من العلاقة ينتهي إلى فساد العلاقةمع الله والابتعاد عنه سبحانه، قال (عليهالسلام): «أوحى الله إلى داود (عليهالسلام): لا تجعل بيني وبينك عالماًمفتوناً بالدنيا فيصدّك عن طريق محبّتي;فإنّ أولئك قطّاع طريق عبادي المريدين،إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوةمناجاتي من قلوبهم»(1).
2 ـ ومن الاُمور التي صحّحها الإمام (عليهالسلام) ونبّه عليها أصحابه هو مفهومالإيمان ومعناه، فحاول أن يبلور صورتهالصحيحة ويكشف عنه الإبهام في نفوسأصحابه، وذلك عن طريق تشخيص صفات المؤمنفإن المؤمن هو ذلك الإنسان الذي يعكسالمفهوم الإلهي بصورته الشاملة للحياةوليس هو ذلك النموذج المستسلم في حياتهالفاقد لإرادته والذي يطمع فيه أهلالسياسة لاستثمار طاقاته باتّجاهمصالحهم.
ولهذا نرى الإمام (عليه السلام) يشير إلىمسألة مهمّة تستبطن بعداً اجتماعياًوسياسيّاً ينبغي للمؤمن أن يعيها ويتحرّكبموجبها. حين قال (عليه السلام): «إنّ اللهفوّض إلى المؤمن أمره كلّه، ولم يفوّضإليه أن يكون ذليلا، أما تسمع الله تعالىيقول: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (2)فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلا».
(1) الكافي: 1 / 46، وعلل الشرائع: 394 ح13، وبحارالأنوار: 2 / 107.
(2) المنافقون (63): 8.