أما موقف الإمام من عرض أبي مسلمالخراساني فيمكن معرفته من جواب الإمامعلى الرسالة فقد جاء في جوابه (عليهالسلام) «ما أنت من رجالي ولا الزمانزماني»(1).
كلمات مختصرة ومعبّرة عن تفسير الإمامللمرحلة وتشخيصه لأبي مسلم; لأن أبا مسلملم يكن من تربية الإمام، ولا من الملتزمينبمذهبه، فهو قبل أيام قد سفك من الدماءالبريئة ما لا يُحصى وقيل لعبد الله بنالمبارك: أبو مسلم خير أو الحجاج؟ قال: لاأقول أن أبا مسلم كان خيراً من أحد ولكنالحجاج كان شراً منه(2) وكان لا يعرف أحداًمن خط أهل البيت ومواليهم; إذ كانت علاقتهمحصورة بدائرة ضيقة كما قد حددها له مولاهإبراهيم الإمام عندما أمره أن لا يخالفسليمان بن كثير، فكان أبو مسلم يختلف مابين إبراهيم وسليمان(3).
كما نجده بعد مقتل إبراهيم الإمام الذيكان يدعو له يتحول بولائه لأبي العباسالسفاح ومن بعده لأبي جعفر المنصور، علماًأن العلاقة كانت بينه وبين المنصور سيئةوكان أبو مسلم يستصغر المنصور أيام حكومةالسفاح(4) إلاّ أن المنصور ثأر لنفسه أيامحكومته فقتله شر قتلة.
أما المرحلة التي سادها الاضطراب فلم تكنفي نظر الإمام (عليه السلام) وتقديره صالحةلتقبل اطروحته إذ قال له: (عليه السلام)«ولا الزمان زماني»(5).
(1) الملل والنحل للشهرستاني: 1 / 142.
(2) وفيات الاعيان: 3 / 145 وتاريخ مختصر الدوللابن العبري: 121: سُئل بعضهم...
(3) وفيات الأعيان: 3/145.
(4) تاريخ اليعقوبي: 2 / 367 والمسعودي: 3/291وتاريخ مختصر الدول: 121.
(5) الملل والنحل للشهرستاني: 1/154، تاريخاليعقوبي: 2/349.