وكان حضور الإمام الصادق (عليه السلام) فيالحيرة ـ المدينة القريبة من الكوفة ـ قدلفت أنظار الاُمة جميعاً واتجهت الناسحوله لتنهل من علومه وتستفيد من توصياتهوتوجيهاته حتى قال محمد بن معروف الهلالي:مضيت إلى الحيرة إلى جعفر بن محمد فما كانلي من حيلة من كثرة الناس فلمّا كان اليومالرابع رآني، فأدناني...(1).
وهذا الحشد الجماهيري الكبير الذي يؤمنبأهليّة الإمام وأعلميّته والتفافهالمستمر حول الإمام قد دفع بالحكومةالعباسية الى أن تحدّ من هذه الظاهرة. لكنالإمام (عليه السلام) وانطلاقاً منمحافظته على مسيرة الامة ودفاعاً عنالإسلام نجده قد مارس مع السفّاح اُسلوباًمرناً. فعن حذيفة بن منصور قال: كنت عند أبيعبد الله (عليه السلام) بالحيرة، فأتاهرسول أبي العباس السفّاح الخليفة يدعوهفدعى بممطر أحد وجهيه أسود والآخر أبيض،فلبسه، ثم قال أبوعبدالله (عليه السلام):«أما إني ألبسه، وأنا أعلم أنه لباس أهلالنار»(2).
وجاء عن رجل قال: قال أبو عبدالله (عليهالسلام): «دخلت على أبي العبّاس بالحيرةفقال: يا أبا عبدالله ما تقول في الصيّاماليوم؟ فقلت: ذاك الى الإمام إن صمت صمناوإن أفطرت أفطرنا فقال: يا غلام عليَّبالمائدة فأكلت معه وأنا أعلم والله إنّهمن شهر رمضان فكان إفطاري يوماً وقضاؤهأيسر عليَّ من أن يضرب عنقي ولا يُعبدالله»(3).
ومن جانب آخر قد انتقد الإمام القتلالجماعي للاُمويين وطلب من السفّاح الكفّعن قتلهم بعدما أخذ الملك من أيديهم. ودهشالسفّاح وتعجّب من موقف الإمام تجاه ألدّأعدائه الذين صبّوا على أهل البيت (عليهمالسلام)
(1) فرحة الغري: 59
(2) الكافي: 6 / 449، وبحار الأنوار: 47 / 45.
(3) الكافي: 4 / 83.