ألوان الظلم. لأن الإمام لاينطلق منالعصبية الجاهلية وروح التشفّي(1).
وانعكست إجراءات العباسيين للحدّ منظاهرة الالتفاف حول الإمام والاستفادة منعلومه، فقد روى هارون بن خارجة، فقال: كانرجل من أصحابنا طلّق امرأته ثلاثاً فسألأصحابنا، فقالوا: ليس بشيء، فقالت امرأتهلا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (عليهالسلام) وكان في الحيرة إذ ذلك أيام أبيالعباس السفّاح. قال: فذهبت إلى الحيرة ولمأقدر على كلامه، إذ منع الخليفة الناس منالدخول على أبي عبد الله وأنا أنظر كيفألتمس لقاءه فإذا سواديّ(2) عليه جبّة صوفيبيع خياراً، فقلت له: بكم خيارك هذا كله؟قال بدرهم، فأعطيته درهماً، وقلت لهأعطيني جبّتك هذه، فأخذتها ولبستهاوناديت: مَنْ يشتري خياراً؟ ودنوت منه!فإذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار!فقال لي لمّا دنوت منه: ما أجود ما احتلتإلى حاجتك؟
قلت: إني ابتليت: فطلّقت أهلي في دفعةثلاثاً، فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشيء،وإن المرأة قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله (عليه السلام) فقال: «ارجع إلى أهلكفليس عليك شيء»(3).
لقد لاحظ الإمام الصادق (عليه السلام)الدهاء العبّاسي وقدراته السياسية التيحقّق بها نصراً حاسماً على خصومهالاُمويين، وعلم بأن المعركة سوف تنتقلإليه وإلى أصحابه باعتبارهم الثقل الاكبروالخطر الداخلي الحقيقي الذي يخشاهالعبّاسيون، كما لاحظ (عليه السلام) أنالقاعدة الشعبية الكبيرة التي تؤيّده سوفتكون سبباً لانهيار حركته إذا لم تزوّدبتعاليم جديدة خصوصاً
(1) حياة الإمام جعفر الصادق: 7 / 80.
(2) سواديّ: نسبة الى العراق الذي سمي بأرضالسواد أو إلى اسوادية قرية بالكوفة.
(3) الخرائح والجرائح: 2 / 642، وبحار الأنوار:47 / 171.