سلني حاجتك، فقال (عليه السلام): أهل مكّةوالمدينة قد تأخّر عطاؤهم، فتأمرلهم به.
قال: أفعل، ثم قال: يا جارية! ائتنيبالتحفة فأتته بمدهن زجاج، فيه غالية،فغلّفه بيده وانصرف فأتبعته، فقلت:
يابن رسول الله! أتيت بك ولا أشك أنهقاتلك، فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحركشفتيك بشيء عند الدخول، فما هو؟
قال: قلت: «اللّهم احرسني بعينك التيلاتنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام،واحفظني بقدرتك عليّ، ولا تهلكني وانترجائي...»(1).
ولم يكن هذا الاستدعاء للإمام من قبلالمنصور هو الاستدعاء الأول من نوعه بلإنّه قد أرسل عليه عدّة مرات وفي كل منهاأراد قتله(2).
لقد صور لنا الإمام الصادق (عليه السلام)عمق المأساة التي كان يعانيها في هذاالظرف بالذات والاذى الّذي كان المنصوريصبه عليه، حتى قال (عليه السلام) ـ كماينقله لنا عنبسة ـ قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: «أشكو إلى الله وحدتيوتقلقلي من أهل المدينة حتى تقدموا(3)وأراكم أسرّ بكم، فليت هذا الطاغية أذن ليفاتّخذت قصراً في الطائف فسكنته،وأسكنتكم معي، وأضمن له أن لا يجيء منناحيتنا مكروه أبداً»(4).
(1) سير اعلام النبلاء: 6 / 266، ملحقات احقاقالحق: 19 / 513، والفرج بعد الشدة: 70 عنالتذكرة لابن الجوزي: 308، 309 مسنداً.
(2) الكافي: 2/559 و 6/445 وعنه في الخرائجوالجرائح: 2 / 195 وتاريخ مدينة دمشق: 19 / 516.
(3) الموالون لأهل البيت أو خاصة الإمام.
(4) الكافي: 8 / 215 ورجال الكشي: 365 وبحارالأنوار: 47 / 85.