وتحقّق ما تنبّأ به الإمام (عليه السلام)فلم تمضِ فترة يسيرة من الزمن حتى وافتهالمنية.
كان الإمام الصادق (عليه السلام) شجييعترض في حلق الطاغية الدوانيقي، فقد ضاقذرعاً منه، وقد حكى ذلك لصديقه وصاحب سرّهمحمد بن عبدالله الاسكندري.
يقول محمد: دخلت على المنصور فرأيتهمغتمّاً، فقلت له: ما هذه الفكرة؟
فقال: يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة(عليها السلام) مقدار مائة ويزيدون ـوهؤلاء كلهم كانوا قد قتلهم المنصور ـوبقي سيّدهم وإمامهم.
فقلت: من ذلك؟
فقال: جعفر بن محمد الصادق.
وحاول محمد أن يصرفه عنه، فقال له: إنه رجلأنحلته العبادة، واشتغل بالله عن طلبالملاك والخلافة.
ولم يرتض المنصور مقالته فردّ عليه: يامحمد قد علمتُ أنك تقول به، وبإمامته ولكنالملك عقيم(1).
وأخذ الطاغية يضيّق على الإمام، وأحاطداره بالعيون وهم يسجّلون كل بادرة تصدرمن الإمام، ويرفعونها له، وقد حكى الإمام(عليه السلام) ما كان يعانيه من الضيق، حتىقال: «عزّت السلامة، حتى لقد خفي مطلبها،فإن تكن في شيء فيوشك أن تكون في الخمول،فإن طلبت في الخمول فلم توجد فيوشك أن تكونفي الصمت، والسعيد من وجد في نفسه خلوةيشتغل بها»(2).
(1) مهج الدعوات: 247.
(2) حياة الإمام موسى بن جعفر: 1/412.