لقد صمّم على اغتياله(1) غير حافل بالعاروالنار، فدسّ اليه سمّاً فاتكاً على يدعامله فسقاه به، ولمّا تناوله الإمام(عليه السلام) تقطّعت أمعاؤه وأخذ يعانيالآلام القاسية، وأيقن بأن النهايةالأخيرة من حياته قد دنت منه.
ولمّا شعر الإمام (عليه السلام) بدنوّالأجل المحتوم منه أوصى بعدّة وصايا كانمن بينها ما يلي:
أ ـ إنه أوصى للحسن بن علي المعروفبالأفطس بسبعين ديناراً، فقال له شخص:أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة؟ فقال(عليهالسلام) له: ويحك ما تقرأ القرآن؟! (والذينيصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهمويخافون سوء الحساب) (2).
لقد أخلص الإمام (عليه السلام) كأعظم مايكون الإخلاص للدين العظيم، وآمن بجميعقيمه وأهدافه، وابتعد عن العواطفوالأهواء، فقد أوصى بالبرّ لهذا الرجلالذي رام قتله لأن في الإحسان اليه صلةللرحم التي أوصى الله بها.
ب ـ إنه أوصى بوصاياه الخاصّة، وعهد بأمرهأمام الناس الى خمسة أشخاص: وهم المنصورالدوانيقي، ومحمد بن سليمان، وعبدالله،وولده الإمام موسى، وحميدة زوجته.
وإنما أوصى بذلك خوفاً على ولده الإمامالكاظم (عليه السلام) من السلطة الجائرة،وقد تبيّن ذلك بوضوح بعد وفاته، فقد كتبالمنصور الى عامله على يثرب، بقتل وصيالإمام، فكتب إليه: إنه أوصى الى خمسة، وهوأحدهم، فأجابه المنصور: ليس الى قتل هؤلاءمن سبيل(3).
(1) نور الأبصار: 133، الإتحاف بحب الاشراف:54، سبائك الذهب: 72.
(2) الغيبة للطوسي: 197، بحار الأنوار: 47/276.
(3) الكافي: 1 / 310 وانظر مناقب آل أبي طالب:4/345.