تجري على ألسنة بعض الشياطين من الإنسأيضا، و هي أنّه عند ما يسأل الشخص لدىارتكابه عملا قبيحا، عن دليله يجيب قائلا:هذا ما وجدنا آباءنا يفعلونه: وَ إِذافَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْناعَلَيْها آباءَنا.ثمّ يضيفون إلى هذه الحجّة حجّة كاذبةأخرى قائلين: وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها.إنّ مسألة التقليد الأعمى للآباء،بالإضافة إلى الافتراء على اللّه، عذرانمختلفان، و حجّتان داحضتان يتشبث بهماالعصاة المتشيطنون لتبرير أعمالهمالقبيحة غالبا.و الملفت للنظر أنّ القرآن الكريم لم يعبأبالدليل الأوّل (يعني التقليد الأعمىللآباء و الأسلاف) و لم يعتن به، و كأنّهوجد نفسه في غنى عن الرّدّ عليه و إبطاله،لأنّ العقل السليم يدرك بطلانه، هذا مضافاإلى أنّه قد ردّ عليه في مواضع عديدة منالقرآن الكريم. و إنّما اكتفى بالردّ علىالحجّة الثّانية، أو بالأحرى (التبريرالثّاني) حيث قال: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لايَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ.إنّ الأمر بالفحشاء حسب تصريح الآياتالقرآنية عمل الشيطان لا عمل اللّه، فإنّهتعالى لا يأمر إلّا بالمعروف و الخير «1»ثمّ يختم الآية بهذه العبارة: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لاتَعْلَمُونَ.و رغم أنّ الأنسب أن يقول: لماذا تنسبون ماهو كذب و ليس له واقع إلى اللّه؟لكنّه قال بدل ذلك: لماذا تقولون ما لاتعلمون على اللّه؟ و هذا في الحقيقةاستنادا الى الحدّ الأدنى من موضع قبولالطرف الآخر، فيقال: إذا كنتم لا تتيقنونكذب هذا الكلام، فعلى الأقل ليس لديكمدليل على إثباته، فلما ذا تتهمون اللّه وتقولون على اللّه ما لا تعلمون؟!. 1- راجع سورة البقرة، 268 و 269.