بادروا إلى فرعون بدعوته، و كان أوّل مادار بينهم و بين فرعون هو: هل لنا من أجرإذا غلبنا العدوّ وَ جاءَ السَّحَرَةُفِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراًإِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ؟! و كلمة«الأجر» و إن كانت تعني أي نوع من أنواعالثواب، و لكن نظرا إلى ورودها هنا في صورة«النكرة»، و «النكرة» في هذه المواردإنّما تكون لتعظيم الموضوع و إبراز أهميتهبسبب إخفاء ماهيته و نوعيته، لهذا يكونالأجر هنا بمعنى الأجر المهم و العظيم وبخاصّة أنّه لم يكن ثمّة نزاع في أصلاستحقاقهم للأجر و المثوبة، فالمطلوب منفرعون هو الوعد بإعطائهم أجرا عظيما وعوضا مهمّا.فوعدهم فرعون- فورا- وعدا جيدا و قال:إنّكم لن تحصلوا على الأجر السخي فقط، بلستكونون من المقرّبين عندي قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ.و بهذه الطريقة أعطاهم وعدا بالمال و وعدابمنصب كبير لديه، و يستفاد من هذه الآيةأنّ التقرب إلى فرعون في ذلك المحيط، و تلكالبيئة كان أعلى و أسمى و أهم من المال والثروة، لأنّه كان يعني منزلة معنوية كانمن الممكن أن تصبح منشأ لأموال كثيرة وثروات كبيرة.و في المآل حدّد موعد معين لمواجهة السحرةلموسى، و كما جاء في سورة «طه» و «الشعراء»دعي جميع الناس لمشاهدة هذا النزال، و هذايدل على أنّ فرعون كان مؤمنا بانتصاره علىموسى عليه السلام.و حلّ اليوم الموعود، و هيّأ السحرة كلمقدمات العمل ... حفنة من العصىّ و الحبالالتي يبدو أنّها كانت معبأة بموادكيمياوية خاصّة، تبعث على حركتها إذا سطعتعليها الشمس، لأنّها تتحول إلى غازاتخفيفة تحرّك تلك العصي و الحبال المجوفة.و كانت واقعة عجيبة، فموسى وحده (ليس معهإلّا أخوه) يواجه تلك