فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ.إنّ التعبير بـ «الآية» لعلّه من بابالاستهزاء و السخرية، لأنّ موسى عليهالسلام وصف معاجزه بأنّها آيات اللّه، ولكنّهم كانوا يفسرونها بالسحر.إنّ لحن الآيات و القرائن يفيد أنّ الجهازالإعلامي الفرعوني الذي كان- تبعا لذلكالعصر- أقوى جهاز إعلامي، و كان النظامالحاكم في مصر يستخدمه كامل الاستخدام ...إنّ هذا الجهاز الإعلامي قد عبّأ قواه فيتوكيد تهمة السحر في كل مكان، و جعلهاشعارا عاما ضد موسى عليه السلام، لأنّه لميكن هناك تهمة منها أنسب بالنسبة إلىمعجزات موسى عليه السلام للحيلولة دونانتشار الدعوة الموسوية و نفوذهاالمتزايد في الأوساط المصرية.و لكن حيث أن اللّه سبحانه لا يعاقب أمّةأو قوما من دون أن يتمّ عليهم الحجّة قالفي الآية اللاحقة: نحن أنزلنا عليهم بلاياكثيرة و متعددة لعلهم يتنبهون ... فقالأولا: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُالطُّوفانَ.و كلمة «الطوفان» مشتقّة من مادة «الطوف»على وزن «خوف» و تعني الشيء الذي يطوف ويدور، ثمّ أطلقت هذه اللفظة على الحادثةالتي تحيط بالإنسان، و لكنّها أطلقت- فياللغة- على السيول و الأمواج المدمرة التيتأتي على كل شيء في الأغلب، و بالتاليتدمر البيوت، و تقتلع الأشجار من جذورها.ثمّ سلط الجراد على زروعهم و أشجارهم (والجراد).و قد جاء في الأحاديث أن هجوم أسرابالجراد كان عظيما جدّا إلى درجة أنّهاوقعت في أشجارهم و زروعهم أكلا و قضما وإتلافا، حتى أنّها أفرغتها من جميع الغصونو الأوراق، و حتى أنّها أخذت تؤذيأبدانهم، بحيث تعالت صيحاتهم واستغاثاتهم.و كلّما كان يصيبهم بلاء كانوا يلجأون إلىموسى عليه السلام و يسألونه أن يطلب مناللّه أن يرفع عنهم ذلك البلاء، فقد فعلواهذا بعد الطوفان و الجراد أيضا، و قبل