موسى عليه السلام، و ارتفع عنهم البلاء ولكنّهم مع ذلك لم يكفّوا عن لجاجهم وتعنتهم.و في المرّة الثّالثة سلط عليهم القمل وَالْقُمَّلَ.و أمّا ما هو المراد من «القمل» فقد وقعفيه كلام بين المفسّرين، و لكن الظاهرأنّه نوع من الآفات الزراعية التي تصيبالغلات، و تفسدها و تتلفها.و عند ما خفت أمواج هذا البلاء، واستمرّوا في عنادهم سلط اللّه عليهم فيالمرحلة الرّابعة، الضفادع، فقد تزايدنسل الضفادع تزايدا شديدا حتى أنّه تحولإلى بلاء عظيم عكّر عليهم صفو حياتهم: وَالضَّفادِعَ «1».ففي كل مكان كانت الضفادع الصغيرة والكبيرة تزاحمهم، حتى في البيوت و الغرف والموائد و أواني الطعام، بحيث ضاقت عليهمالحياة بما رحبت، و لكنّهم مع ذلك لميخضعوا للحق، و لم يسلّموا.و في هذا الوقت بالذات سلّط اللّه عليهمالدم.قال البعض: إنّ داء الرعاف (و هو نزيف الدممن الأنف) شاع بينهم كداء عام، و أصيبالجميع بذلك. و لكن أكثر الرّواة والمفسّرين ذهبوا إلى أن نهر النيل العظيمتغير و صار لونه كلون الدم، بحيث صار تعافهالطباع، و لم يعد قابلا للانتفاع.و قال تعالى في ختام ذلك: إنّ هذه الآيات والمعاجز الباهرة- رغم أنّها أظهرت لهمحقانية موسى- و لكنّهم استكبروا عن قبولالحق و كانوا مجرمين.آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.و في بعض الرّوايات نقرأ أن كل واحدة منهذه البلايا كانت تقع في سنة واحدة، يعنيأنّه أصابهم الطوفان في سنة، و الجراد فيسنة أخرى، و الآفات الزراعية في سنةثالثة، و هكذا. و لكن نقرأ في بعضالرّوايات أنّه كان يفصل بين كل بلاء و آخرشهر واحد لا أكثر و على أي حال، لا شك أنّهاكانت تقع بصورة (1) الضّفادع جمع ضفدعة و قد جاء ذكر هذاالبلاء في الآية بصورة الجمع، و لكنالبلايا السابقة جاءت في صورة المفرد.و لعل هذا يفيد أن اللّه سلّط عليهمأنواعا مختلفة من الضفادع.