بِما عَهِدَ عِنْدَكَ.إنّهم عند نزول البلاء يلجأون إلى موسى ويطلبون منه أن يدعو لرفع العذاب عنهم، و أنيفي اللّه بما وعده له من استجابة دعائه:بِما عَهِدَ عِنْدَكَ.ثمّ يقولون: إذا دعوت فرفع عنّا البلاءفإنّنا نحلف لك بأن نؤمن بك، و نرفع طوقالعبودية عن بني إسرائيل: لَئِنْ كَشَفْتَعَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ.و لفظة «الرجز» استعملت في معاني كثيرة:البلايا الصعبة، الطاعون، الوثن والوثنية، وسوسة الشيطان، و الثلج أو البردالصلب.و لكن جميع ذلك مصاديق مختلفة لمفهوميشكّل الجذر الأصلي لتلك المعاني، لأن أصلهذه اللفظة كما قال «الراغب» في«المفردات» هو الاضطراب.و حسب ما قال «الطبرسي» في «مجمع البيان»مفهومه الأصلي هو الانحراف عن الحق.و على هذا الأساس إطلاق لفظ «الرجز» علىالعقوبة و البلاء، لأنّها تصيب الإنسانلانحرافه عن الحق، و ارتكاب الذنب، و كذايكون الرجز نوعا من الانحراف عن الحق، والاضطراب في العقيدة، و لهذا أيضا يطلقالعرب هذا اللفظ على داء يصيب الإبل، ويسبب اضطراب أرجلها حتى أنّها تلجأ للمشيبخطوات قصيرة، أو تمشي تارة و تتوقف تارةأخرى، فيقال لهذا الداء «الرجز» على وزن«المرض».و السبب في إطلاق الرجز على الأشعارالحربيّة، لأنّها ذات مقاطع قصيرة ومتقاربة.و على كل حال، فإنّ المقصود من «الرجز» فيالآيات الحاضرة هو العقوبات المنبهةالخمسة التي أشير إليها في الآياتالسابقة، و إن احتمل بعض المفسّرين أنيكون إشارة إلى البلايا الأخرى التيأنزلها اللّه عليهم و لم يرد ذكرها