في الآيات السابقة، و منها الطاعون أوالثلج و البرد القاتل، الذي وردت الإشارةإليها في التوراة.هذا، و قد وقع كلام بين المفسّرين فيالمراد من عبارة بِما عَهِدَ عِنْدَكَ وأنّه ما هو المقصود من ذلك العهد الإلهيالذي أعطاه سبحانه لموسى؟إنّ ما هو الأقرب إلى النظر هو أن المقصودمن ذلك الوعد الإلهي هو أن يستجيب دعاءهإذا دعاه، و لكن يحتمل أيضا أن يكونالمقصود هو عهد «النبوة» و تكون «الباء»باء القسم، يعني نقسم عليك بحق مقام نبوتكإلّا ما دعوت اللّه ليرفع عنّا هذا البلاء.و في الآية اللاحقة يشير إلى نقضهم للعهدو يقول: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُالرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُإِذا هُمْ يَنْكُثُونَ «1».إنّ جملة إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُإشارة إلى أنّ موسى حدّد لهم وقتا و عيّنأمدا، فكان يقول لهم: في الوقت الفلانيسيرفع هذا البلاء عنكم، حتى يتّضح لهم أنّارتفاع ذلك البلاء عنهم ليس أمرا اتفاقياو صدقة، بل هو بفضل دعائه و طلبه من اللّهتعالى.إنّ جملة إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ و بالنظرإلى أن «ينكثون» فعل مضارع يدلّ علىالاستمرارية يفيد أنّه قد تكرر تعهدّهملموسى عليه السلام ثمّ نقضهم للعهد، حتىأصبح نقض العهد جزءا من برنامجهم و سلوكهمالدائم.و آخر هذه الآيات تبيّن- من خلال جملتينقصيرتين- عاقبة كلّ هذا التعنت، و نقضالعهد، فتقول بصورة مجملة فَانْتَقَمْنامِنْهُمْ.ثمّ تشرح هذا الانتقام و تذكر تفصيلهفَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّبِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ «2» (1) النكث على وزن مكث، يعني فل الحبلالمفتول، ثمّ أطلق على نقض الميثاق والعهد.(2) يستفاد من مصادر اللغة، و كتب الأحاديثأن المراد من اليم هو «البحر»، و هو يطلقعلى نهر النيل أيضا، أمّا أن لفظة اليم